الحمد لله.
أولا :
قول القائل : ( الحياة ليست عادلة ) : هو من سب الدهر المحرم ، فإن ( الحياة ) هي ( الدهر ).
والحياة ، والدهر ، والأيام : كلها ظروف زمان ، لما يقدره الله فيها من مقادير العباد ، وما يجري عليهم من الحوادث والبلايا .
وليس لـ"الدهر" ولا لـ"الحياة" دخل ، ولا تأثير في تدبير شيء من ذلك ، ولا تصريفه ، وإنما هي مجرد ظرف لما يودعه الله ، ويخلقه فيها من أمور عباده .
ولهذا كان التسخط على "الدهر" و"الحياة" ، أو اتهمامها بالجور والظلم .. : تسخطا على خالق الخلق ، ومدبر الأمر ، وهو رب العالمين ، جل جلاله .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا "
رواه البخاري (6181) ومسلم (2246) واللفظ له .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (9571) ورقم (10915) .
ثانيا :
من وجوه المنع من هذه العبارة أيضا : ما يظهر منها من التسخط وعدم الرضا بأقدار الله جل جلاله .
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) . رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وإنما الروح والراحة في أن يرضى العبد بتدبير الله ، وتصريفه أمر كونه ، وتسليمه له في ربوبيته ، سبحانه .
روى مسلم في صحيحه (34) عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا .
والله أعلم .