الحمد لله.
ثبت عن النبي النهي عن المشي في نعل واحدة في عدة أحاديث ، منها ما رواه البخاري (5855) ومسلم (2097) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا ، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا ) .
وروى مسلم (2099) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ ، وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ)
والشسع : السير الذي يوضع فيه أصبع الرِّجل من النعل .
ومما قاله العلماء في الحكمة من ذلك : أن ذلك يؤدي إلى الخروج عن سجيّة المشي ، وقيل : لأن فيه خروجا عن العدل بين الأعضاء .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح :
" قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْحِكْمَة فِي النَّهْي : أَنَّ النَّعْل شُرِعَتْ لِوِقَايَةِ الرِّجْل عَمَّا يَكُون فِي الْأَرْض مِنْ شَوْك أَوْ نَحْوه ، فَإِذَا اِنْفَرَدَتْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ اِحْتَاجَ الْمَاشِي أَنْ يَتَوَقَّى لِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا لَا يَتَوَقَّى لِلْأُخْرَى ، فَيَخْرُج بِذَلِكَ عَنْ سَجِيَّة مَشْيه ، وَلَا يَأْمَن مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْعِثَار .
وَقِيلَ : لِأَنَّهُ لَمْ يَعْدِل بَيْن جَوَارِحه ، وَرُبَّمَا نُسِبَ فَاعِل ذَلِكَ إِلَى اِخْتِلَال الرَّأْي أَوْ ضَعْفه .
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قِيلَ : الْعِلَّة فِيهَا أَنَّهَا مِشْيَة الشَّيْطَان ، وَقِيلَ : لِأَنَّهَا خَارِجَة عَنْ الِاعْتِدَال . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : الْكَرَاهَة فِيهِ لِلشُّهْرَةِ فَتَمْتَدّ الْأَبْصَار لِمَنْ تَرَى ذَلِكَ مِنْهُ ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْي عَنْ الشُّهْرَة فِي اللِّبَاس ، فَكُلّ شَيْء صَيَّرَ صَاحِبه شُهْرَة فَحَقّه أَنْ يَجْتَنِب " انتهى من "فتح الباري" (16/426) .
وأما لبس الخلخال في قدم واحدة ، فليس أمره كأمر لبس النعل ، لأمور :
الأول : أن لبس الخلخال في رجل واحدة معروف عند النساء ، وهنّ يتزينّ به كذلك ، وفيه شبه بالخاتم حيث يلبس في يد واحدة ، ولبسه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في يد واحدة .
وكذلك الأساور على المعصم ، والدمالج على العضد ، قد تلبس في يد واحدة إن شاءت المرأة .
الثاني : أن العلة المذكورة وهي العدل بين الأعضاء ، علة مستنبطة ، وليست منصوصة ، ولا يتعين تعليق الحكم بها ، إنما هي تلمس لوجوه المناسبات والحكم في النهي .
قال الشيخ ابن عثيمين " العلة المستنبطة لا تقوى على تخصيص العموم ؛ لأنه من الجائز أن تكون هذه العلة خطأ ، وأن استنباطنا لها ليس بصواب، فلا نخصص بها عموم الكتاب والسنة بمجرد أن نقول: إن الحكم مبني على هذه العلة " انتهى من " الشرح الممتع " (8/369) .
وينظر "شرح منظومة ابن عثيمين" للمشيقح (ص97-99) بترقيم الشاملة .
والخلاصة :
أنه يجوز لبس الخلخال في رجل واحدة بشرط أن لا تُحَرّكُهُ أمام الأجانِبِ لتُظْهِر ذلك لهم ، كما قال تعالى : ( ولا يَضْرِبْنَ بأرجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِين من زِينَتِهِنّ ) النور/ 31
وكذلك لبس الأساور في يد واحدة ولبس القرط في أذن واحدة إذا لم يكن اللبس بهذه الطريقة لباس شهرة في المجتمع التي هي فيه .
وينظر جواب السؤال (104257) .
على أن الواجب على المرأة أن تستر ذلك عن الرجال الأجانب ، سواء لبست في رجل واحدة أو في كلتا الرجلين : فإنه من الزينة التي تنهى عن إظهارها للأجانب
وينظر جواب السؤال رقم (10313) .
والله أعلم .