الحمد لله.
أولا:
الأصل في وليمة النكاح أن تكون على الزوج ؛ لأنه المأمور بها ، كما روى البخاري (5155) ومسلم (1427) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهي مشروعة في حق الزوج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ: أولم ولم يقل لأصهاره: أولموا، ولأن النعمة في حق الزوج أكبر من النعمة في حق الزوجة ؛ لأنه هو الطالب الذي يطلب المرأة، ويندر جدا أن المرأة تطلب الرجل " انتهى من "الشرح الممتع" (12 / 321) .
لكن لا حرج لو قامت بها الزوجة أو أهلها، ولا حرج أيضا أن تُقام وليمتان، واحدة من الزوجة، وواحدة من الزوج، لكن الوليمة التي تجب إجابتها، هي وليمة الزوج، وينظر: جواب السؤال رقم (138358).
ثانيا:
الأفضل أن تكون الوليمة بعد الدخول، كما فعل النبي صلى الله وعليه وسلم، ولا حرج أن تكون مع العقد أو بعده.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي وَقْتهَا ، هَلْ هُوَ عِنْد الْعَقْد ، أَوْ عَقِبه ، أَوْ عِنْد الدُّخُول ، أَوْ عَقِبه ، أَوْ مُوَسَّع مِنْ اِبْتِدَاء الْعَقْد إِلَى اِنْتِهَاء الدُّخُول ، عَلَى أَقْوَال" انتهى من "فتح الباري" (9/230) .
وقال المرداوي رحمه الله: " الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ أَيَّامِ الْعُرْسِ ، لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا ، وَكَمَالِ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، لَكِنْ قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِعْلَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ " انتهى من " الإنصاف " (8 /317) .
وينظر: جواب السؤال رقم (131252) .
ثالثا:
لا حرج فيما ذكرت من بقاء الزوجة في بيت أهلها مدة، وخروجها وسفرها مع زوجها، ما دام ذلك بإذن وليها؛ لأن المعتبر في ذلك هو الشرط، أو العرف الذي يقوم مقام الشرط.
فالمرأة بعد العقد: زوجة يحل لزوجها منها كل شيء، كالخلوة والوطء، غير أنه يراعى الشرط أو العرف، كما لو شُرط عليه ألا يطأها، أو كان العرف جاريا بذلك؛ ألا توطأ المرأة إلا بعد انتقالها لبيت زوجها، فيجب مراعاة ذلك، ويبقى ما عداه على الجواز، كالسفر والخلوة والاستمتاع بغير الوطء.
وهل هذا أنفع من الدخول بعد العقد مباشرة أو بعده بمدة يسيرة؟
هذا يختلف باختلاف الناس وأحوالهم وأعرافهم، فما دام الأمر مباحا، فلا حرج في اتباع العادة الجارية، لكن التعجيل بالدخول هو السنة – ما لم يكن هناك عذر يمنع منه - لقول النبي صلى الله عليه وسلم : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ رواه البخاري (5065)، ومسلم (1400)، ولفعله صلى الله عليه وسلم، وفعل أصحابه، وعليه عمل أكثر المسلمين قديما وحديثا.
فحيث كانت العروس جاهزة، والزوج مقتدرا، فينبغي التعجيل بالدخول، وابتغاء الولد الصالح، وتكثير الذرية، وبناء البيت المسلم.
وهذا الجواب كله مبني على أن السؤال عن صورة : تم عقد النكاح الشرعي، المستوفي لأركانه ، غير أنه جرى عرف الناس عندكم أن تبقى العروسة (الزوجة) مع عروسها (الزوج) في بيت أبيها، هذه المدة الأولى، بعد عقد النكاح، ويكون بينهما ، في هذه المدة : ما يكون بين الرجل وامرأته.
وأما إذا كانت صورة المسألة قبل عقد النكاح الشرعي، وإنما ذلك كله في مدة "الخطبة" بين "العروسين" : فمن المعلوم أن المخطوبة أجنبية عن خطيبها، في مدة الخطبة، لا يحل له منها شيء، أي شيء!!
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (81931).
والله أعلم.