اذا ذهب احد مزكوم او به انفلونزا الى التجمعات هل يأثم لانه نقل المرض الى الغير مع العلم انه يعلم ان لديه زكام او انفلونزا العاديه
الحمد لله.
لا يُمنع المريض من مخالطة الأصحاء إلا إن كان مرضه مما يتأذى منه الناس ، ويمثل له الفقهاء بأمراض لها خطر وعدوى ظاهرة .
قال الرحيباني الحنبلي :
" ( وَيُمْنَعُ أَبْرَصُ وَمَجْذُومٌ يُتَأَذَّى بِهِ ) مِنْ حُضُورِ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ ; ( فَلا يَحِلُّ لِمَجْذُومٍ مُخَالَطَةُ صَحِيحٍ بِلا إذْنِهِ ) , أَيْ : الصَّحِيحِ . فَإِنْ أَذِنَ بِذَلِكَ ; جَازَ لَهُ مُخَالَطَتُهُ , لِحَدِيثِ (لا طِيَرَةَ وَلا عَدْوَى) الْحَدِيثَ .
( وَعَلَى وَلِيِّ أَمْرٍ مَنْعُهُ ) , أَيْ : الْمَجْذُومِ مِنْ مُخَالَطَةِ الأَصِحَّاءِ , لِحَدِيثِ ( فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الأَسَدِ ) " انتهى من "مطالب أولي النهى" (1/699) .
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (6/126) :
" ( ولا يجوز للجُذَمَاء مخالطة الأصحاء عموما، ولا مخالطة أحد معيَّن صحيح إلا بإذنه، وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الأصحاء بأن يسكنوا في مكان منفرد لهم ) ونحو ذلك .
وإذا امتنع ولي الأمر من ذلك أو المجذوم أثم، وإذا أصر على ترك الواجب مع علمه به: فسق، قاله في الاختيارات ، وقال كما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه وكما ذكر العلماء " انتهى .
أما الزكام والانفلونزا فلا يُمنع المصاب بها من مخالطة الناس ، لأنها من الأمراض الشائعة ، وإن قُدّر أن للزكام ضررا فهو يسير مغتفر ، والعدوى به ليست سريعة ، ولا ذات خطر .
فإنا نجد المزكوم يكون في بيته مع أهله وأبنائه ويذهب إلى عمله ويحضر إلى مدرسته بين الطلاب إن كان طالبا أو بين المعلمين إن كان معلما ، وفي السوق يخالط الناس ويشتري ما يريد ولا تحصل العدوى ولا ينتقل المرض ولا شيء من ذلك ، بل ولا يسمح له الأطباء بإجازة عن وظيفته لأجل ذلك ، وهذا إقرار من الأطباء بمحدودية العدوى في هذا المرض .
وقد كان أناس يجلسون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيعطسون ويشمّتهم رسول الله ، ثم يتكرر منهم العطاس فيقول (الرجل مزكوم) ، ولم يرد أنه قال إذا كنت كذلك فلا تغشنا في مجالسنا .
فعن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ مَزْكُومٌ رواه مسلم (7681) .
وفي رواية الترمذي (2743) أنه قال له في الثالثة : أنت مزكوم.
وهناك آداب للعطاس والسعال وهي متأكدة في حق المريض حتى لا يؤذي أحدا ، منها : أن يضع منديلا على أنفه وفمه عند السعال والعطاس ، وأن لا يفعل ذلك في وجه أحد من الناس .
وينبغي التنبه إلى أن من الانفلونزا أنواع خطيرة قد نبه عليها الأطباء وحذروا من مخالطة أصحابها وقرروا الحجر الصحي على المصاب بها ؛ فلا يخالط الأصحاء إلا بإذنهم .
وكذا إذا كان الزكام شديدا يتأذى به الناس فإنه لا يحضر الجماعة والجمعة ويعذر في تركها، كما سبق بيانه في جواب السؤال (115117)
والله أعلم .