الحمد لله.
أخي نشكرك لك ثقتك بنا ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب .
قرأت رسالتك أكثر من مرة وأشعر أنه من الصعب أن أدرك الأمور على تفاصيلها ؛ لأنها تبدو معقدة إلى حد ما ولا أستطيع أن أتوجه بالاتهام لأحدكما ، ولكن أشعر أن لكل منكما نصيباً من المشكلة .
ولكن هذه بعض التوجيهات التي أنصحك بفعلها ، وأسأل الله أن يجعلها عونا لك في تخطي مشكلتك :
أولا :
لابد من رجوع كل منكما إلى الله عز وجل ، وذلك لأن المعصية لها أثر على حياة الإنسان في أهله وعلاقته كلها ، ولهذا قال بعض السلف : إني لأفعل المعصية فأجد أثرها في أهلي ودابتي . وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل ، فقال : إني أحب فلانا فأحبه . قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه . فيحبه أهل السماء ، قال : ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا ، فأبغضه . قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا ، فأبغضوه . قال : فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض .
ثانيا :
أن يتوجه الإنسان إلى ربه ، فيدعوه ويتوجه إلى مولاه سبحانه وتعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) النمل / 62 ، ألح عليه بالدعاء ، وتحرَّ أوقات الإجابة ، من ثلث الليل الآخر ، والذي ينزل فيها ربنا سبحانه وتعالى فينادي : من يدعوني فأستجيب له ، من يستغفرني فأغفر له ، من يسألني فأعطيه ، من يتوب فأتوب عليه . وينبغي أن تدعو ربك وأنت موقن بالإجابة ولا تستعجل ، فإن الله يستجيب للعبد ما لم يستعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي .
ثالثا :
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء ، علمه من علمه وجهله من جهله ) أخرجه أحمد ( 3397 ) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة ( 1650 ) ، فعليك بالأدعية الشرعية من الرقية وقراءة القرآن وغير ذلك ، قال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الإسراء / 82 ، وإذا كانت ترفض أن تعرض نفسها على الأخصائي النفسي ، فلا يمنع هذا أن تكون الواسطة بينهما .
رابعا :
أكثر ما تحتاجه منك زوجتك أن تكون معها عاطفيا ، خذها مثلا في نزهة بالسيارة إلى أي مكان مريح للأعصاب ، أو سافر معها إلى بلد آخر للنزهة ، أصر عليها بلطف على ذلك إذا رفضت ، واختر النشاطات التي كانت تألفها وتسر منها مثل الذهاب إلى مكان ما تحبه أو ممارسة هواياتها .
خامسا :
لا تصر بقوة إذا رفضت التعاون ، فالمكتئب يحب جلب نظره إلى الأشياء ، وليس إلى مطالبته بها ، لأنه سوف يزيد من شعوره بالفشل .
سادسا :
أوصيك بالرفق ، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه .
أخيرا أخي السائل لاحظ أن المريض بالاكتئاب كسول ولا يقبل أن يحسن من حاله ، بأن يخرج من حالة الاكتئاب من تلقاء نفسه ، وتذكر أن معظم حالات الاكتئاب يمكن أن تعالج لكنها قد تحتاج إلى وقت طويل وصبر جميل ، وتذكر أنه ربما تكون أنت من أسباب مرضها فلا تستعجل بالاستغناء عنها وعليك أن تساعدها على الخروج مما هي فيه ، وتذكر أن الصبر مهما كانت مرارته إلا أن عواقبه حميدة .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .