الحمد لله.
اختلف الفقهاء في حكم الحجامة على قولين:
القول الأول: الحجامة مندوبة ومستحبة
جاء في "الفتاوى الهندية" (5/355):
"تستحب الحجامة لكل واحد ؛ كذا في الظهيرية" انتهى.
ويقول ابن مفلح رحمه الله:
"وأما الحجامة : ففيها أخبار كثيرة مشهورة، في فعلها، وفضلها، ووقتها، وفيها ؛ فعلا منه صلى الله عليه وسلم وقولا سبع عشرة أو إحدى وعشرين" انتهى من "الآداب الشرعية" (3/87)
واستدلوا بظواهر الأحاديث النبوية الواردة في ذكر الحجامة ، ونسبة الشفاء إليها، وقد سبق إيراد بعضها في الجواب رقم: (21406) .
القول الثاني: أنها من المباحات العلاجية فحسب، وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين .
يقول الكاساني الحنفي رحمه الله:
"الحجامة أمر مباح" انتهى من "بدائع الصنائع" (4/190)
ويقول الخطابي رحمه الله:
"الحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان" انتهى من "معالم السنن" (3/103)، ونحوه في "شرح ابن بطال" (9/404)، "النهاية في غريب الحديث" (2/5) وغيرها.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي:
والذي يظهر : أن القول الثاني أرجح القولين ، وأن الحجامة عادة من العادات الطبية ، وإنما يطلبها ، ويعملها من يحتاجها ، تطببا ، وعلاجا ، وليس على وجه التعبد بفعلها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"الحجامة ليست سنة، الحجامة دواء إن احتاج الإنسان إليه احتجم، وإن لم يحتج إليه : فلا يحتجم" انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (23/ 96) .
ولا مانع من القول بأنها سنة لمن كان مريضا واحتاج إليها ، فإنه يكون قد جمع بين أمرين وهما:
التداوي ، واختيار الحجامة خصوصًا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها ، وأخبرنا أن فيها شفاءً .
يقول الإمام النفراوي المالكي رحمه الله:
"الحجامة حسنة، أي مستحبة عند الحاجة إليها" انتهى من "الفواكه الدواني" (2/338)
وكذا قال العدوي في حاشيته (2/ 493) : "قوله: الحجامة حسنة-أي عند الحاجة إليها-.انتهى.
ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها ، وإنما كان يحتجم صلى الله عليه وسلم إذا أصابه مرض ، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أن الحجامة إنما يفعلها من احتاج إليها .
والله أعلم.