هل الحجامة سنة أم من المباحات؟

18-12-2017

السؤال 269871

هل الحجامة سنة نبوية، أم أنها علاج فقط في عصر النبوة ؟

الجواب

الحمد لله.

اختلف الفقهاء في حكم الحجامة على قولين:

القول الأول: الحجامة مندوبة ومستحبة

جاء في "الفتاوى الهندية" (5/355):

"تستحب الحجامة لكل واحد ؛ كذا في الظهيرية" انتهى.

ويقول ابن مفلح رحمه الله:

"وأما الحجامة : ففيها أخبار كثيرة مشهورة، في فعلها، وفضلها، ووقتها، وفيها ؛ فعلا منه صلى الله عليه وسلم وقولا سبع عشرة أو إحدى وعشرين" انتهى من "الآداب الشرعية" (3/87)

واستدلوا بظواهر الأحاديث النبوية الواردة في ذكر الحجامة ، ونسبة الشفاء إليها، وقد سبق إيراد بعضها في الجواب رقم: (21406) .

القول الثاني: أنها من المباحات العلاجية فحسب، وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين .

يقول الكاساني الحنفي رحمه الله:

"الحجامة أمر مباح" انتهى من "بدائع الصنائع" (4/190)

ويقول الخطابي رحمه الله:

"الحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان" انتهى من "معالم السنن" (3/103)، ونحوه في "شرح ابن بطال" (9/404)، "النهاية في غريب الحديث" (2/5) وغيرها.

ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي:

  1. الحجامة من أمور الطب التي عرفها العرب في القديم قبل الإسلام، بل وعرفتها الأمم الأخرى في العصور القديمة ، كما هو معلوم في كتب التاريخ، حتى من عهد الفراعنة، فليس فيها خصوصية إسلامية محضة ، وما كان كذلك فالأصل فيه أنه مباح ، ولا يفعله إلا من احتاج للتداوي به .
  2. الأصل في أمور العادات ، ومجاري الحياة هو الإباحة ؛ إلا أن تتعلق بفضائل الأخلاق ومحاسن الشيم، أما ما دامت في إطارها العادي المحض، فتبقى مستقرة في دائرة المباح .
  3. لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب ثواب خاص عليها، ولا ترتيب عقوبة أو ملامة على تركها.
  4. لا يبدو فيها وجه خاص للتعبد، ولا للتقرب إلى الله تعالى، إنما هي كسائر العادات اليومية التي يعتادها الناس في شؤون معاشهم وأبدانهم.

والذي يظهر : أن القول الثاني أرجح القولين ، وأن الحجامة عادة من العادات الطبية ، وإنما يطلبها ، ويعملها من يحتاجها ، تطببا ، وعلاجا ، وليس على وجه التعبد بفعلها .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"الحجامة ليست سنة، الحجامة دواء إن احتاج الإنسان إليه احتجم، وإن لم يحتج إليه : فلا يحتجم" انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (23/ 96) .

ولا مانع من القول بأنها سنة لمن كان مريضا واحتاج إليها ، فإنه يكون قد جمع بين أمرين وهما:

التداوي ، واختيار الحجامة خصوصًا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها ، وأخبرنا أن فيها شفاءً .

يقول الإمام النفراوي المالكي رحمه الله:

"الحجامة حسنة، أي مستحبة عند الحاجة إليها" انتهى من "الفواكه الدواني" (2/338)

وكذا قال العدوي في حاشيته (2/ 493) : "قوله: الحجامة حسنة-أي عند الحاجة إليها-.انتهى.

ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها ، وإنما كان يحتجم صلى الله عليه وسلم إذا أصابه مرض ، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أن الحجامة إنما يفعلها من احتاج إليها .

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب