الحمد لله.
ما من شك أن الله تعالى لا يأمر إلا بما فيه الحكمة ، وفي بعض الأحيان تخفى حكمة بعض هذه الأحكام على العبيد وفي بعضها تكون ظاهرة معلومة ، كتحريم الله تعالى للخمر التي تُذهب العقل وتصد عن ذكر وعن الصلاة .
وحكمة تشريع الحجاب من أظهر ما يكون ، فإنها ستر للمرأة وعفاف لها ، وهي بذلك تمنع السفهاء من التعرض لها والنيل منها ، فكم من امرأة متحجبة منع حجابها من تعرض شياطين الإنس لها ، وكم من امرأة متبرجة عرضت زينتها وأظهرت مفاتنها للناس فتسببت في مضايقتها والتعرض لها من السفهاء ، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما الأحزاب / 59 ، وهذه الآية فيها الجواب الكامل على السؤال حيث ذكر الله تعالى فيها الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب ، وفيها كذلك ذِكر الحكمة وهو حفظهن وعدم تعرضهن للإيذاء .
وخروج المرأة مبدية لأغلب جسدها – كما تقول السائلة – هو من أكثر أسباب الجرائم ، وفساد أخلاق الرجال ، وشيوع الفواحش ، كما أنه إساءةٌ للمرأة ، وإهدارٌ لكرامتها ، حيث أصبحت المرأة سلعة رخيصة لأصحاب الشركات والدعايات ، والتي تُظهر المرأة منزوعة اللباس والحياء لجلب الزبائن وتسويق المنتجات التجارية .
إن جسد المرأة لها وليس مشتركاً بين الناس ، فإن تزوجت فهو لزوجها ولا ينبغي لها أن تشرك معه غيره ، وماذا تريد المرأة التي تعرض جسدها وتبرز مفاتنها للناظرين ؟ هل تريد منهم فقط أن ينظروا ويتأملوا ؟ حسناً فما هو أثر ذلك على المغتصبين والسفهاء ؟ وكيف ستمنعهم من تحقيق رغبتهم بافتراسها والانقضاض عليها ؟ وقد أظهرت للجائعين لحماً ثم تريد منعهم من أكله ؟ .
ففي دراسة حديثة وجد أن :
65 % من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن عملهن في بعض الدول الأوربية .
18% من النساء في أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب في مرحلة من مراحل عمرهن .
أكثر من نصف الضحايا تحت سن الـ 17 سنة .
ينظر"كتاب إحصاءات ، دراسات ، أرقام " ( ص 140 ) .
إن الشريعة الإسلامية جاءت بما هو خير للمرأة والرجل والأسرة والمجتمعات ، ولم تقيد المرأة كما يزعم أعداء الدين ، فقد أباح الإسلام للمرأة العمل وطلب العلم والتجارة والشهادة وصلة الرحم وعيادة المريض وغير ذلك ، لكنه وضع لخروجها ضوابط تحفظها وتمنع تعرض السفهاء لها .
ونقول للسائلة :
إن كثيرات من نساء الغرب عندما تأملن وعرفن حقيقة شرع الله تعالى وخاصة فيما يتعلق بالمرأة لم يترددن في إعلان إسلامهن والدخول في ركب الأنبياء والصالحين .
فالمرأة في الإسلام محفوظة ومكفولة ، وليس ذلك مقابل بقائها في البيت فقط بل لأنها تؤدي دوراً عظيماً وهو رعاية الزوج والقيام على شئونه ، وتربية الأبناء والعناية بهم ، وهو دور عظيم إذ يعرف صلاح المجتمعات وفسادها بمدى نجاح الأم في التربية والتوجيه .
وفي دراسة نشرتها إحدى أكبر شركات التأمين البريطانية على مليون امرأة ووقع الاختيار على " أم بيت متفرغة " فجاءت النتائج المثيرة : إن المرأة المتفرغة للبيت تعمل 19ساعة في أعمال البيت ، وهي المربية ، والممرضة ، والمسؤول الأول عن إدارة الشؤون المالية للبيت ..
إضافة لذلك – فحسب دراسة بالتقييم المادي البعيد عن العواطف - كانت المرأة المتفرغة للمنزل هي أثمن شيء تمتلكه الأسرة .
" المرجع السابق " ( ص 118 ، 119 ) .
وقد تبين لكثير من العاقلات خطر ما هنَّ عليه من حرية زائفة ، وانتبهن أخيراً إلى أين يذهب بهن هذا الطريق ، ففي دراسة أخرى تبين أن :
80 % من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما الأخيرة هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن .
75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي .
80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد .
87% قلن لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها .
" المرجع السابق " ( ص 147 ) .
فقط يحتاج الأمر منكِ إلى تفكير يسير ، ومراجعة للواقع الذي ترينه ، لتعرفي بعدها أن نزع الحجاب عن المرأة يعني الشر والضرر والجريمة ، وقد أغلق الإسلام طرق ذلك كله بما وضع من تشريعات ، ومنها وجوب الحجاب على البالغات .
وفي ختام هذا الجواب نهنئك على أن وفقك الله للاقتران بزوج مسلم ترين منه أو من أقاربه المسلمين من شعائر الإسلام ما يرغبك في الإسلام وما يكسر حاجز خوفك من الدخول في هذا الدين الحنيف العظيم ، ثم اعلمي أن الدخول في هذا الدين الخاتم الذي ارتضاه الله لجميع الخلق ، شرف عظيم لك قد تحرمين منه إذا تأخرت عنه ودهمك الموت فبادري إليه مذعنة راغبة فرحة بفضل الله .
واعلمي أن وقوعك في شيء من التقصير في شعيرة الحجاب بسبب ضعفك عن الالتزام به أو خجلك من بني قومك ، يعد معصية من المعاصي ينبغي ألا تصدك عن الحسنة الكبرى التي يبنى عليها دخول الجنة والنجاة من النار وهي اعتناق الإسلام ، وأعلمي أن الشيطان عدو بني آدم كلهم هو الذي يجعل لك هذه الشبهة ليصدّك عن الدخول في هذا الدين ليكثر أتباعه إلى النار ، فكوني قوية حازمة جريئة في اتخاذ قرار السعادة الأبدية بإذن الله ، سائلين الله لك العون وقوة النفس على الدخول في الإسلام أختا لنا في الله ، ومشاركة لنا في هذه النعمة ، ونشكر لك حسن ثقتك بنا .
والله أعلم .