الحمد لله.
أولًا:
اختلف العلماء في صلة القرابة بين زكريا ومريم عليهما السلام على قولين:
الأول: أنه زوج أختها .
الثاني: أنه زوج خالتها .
وينظر جواب السؤال رقم : (82569).
وروي أن زكريا عليه السلام من أبناء عمومة مريم عليه السلام أيضًا، فوق كونه زوج خالتها أو أختها، انظر: الهداية، لمكي: (2/ 999).
ثانيًا:
أخبر الله عز وجل عن كفالة زكريا عليه السلام لمريم، كما قال سبحانه: ( وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ) آل عمران/37.
ومعنى الكفالة : أنه قام برعايتها، والقيام بشؤونها، وما تحتاجه، فالكفالة تشمل رعاية مصالح المكفول، والإنفاق عليه، والقيام بما يحتاجه .
قال ابن عطية رحمه الله : " معناه: ضمها إلى إنفاقه وحضنه، والكافل هو المربي الحاضن" . انتهى ، من "المحرر الوجيز" (1/425) .
وقال الواحدي رحمه الله : " ضَمَّها إلى نَفْسِهِ وقام بأمرها.
قال الزجَّاج : ومعناه في هذا: ضَمِنَ القيامَ بأمرها، يقال : كَفَلَ، يَكْفُلُ، كَفالة، وكَفْلاً ، فهو كافِل؛ وهو: الذي قد كَفَلَ إنساناً ؛ يَعُولُه ويُنفِقُ عليه." انتهى، من "التفسير البسيط" (5/203) .
قال ابن كثير: " يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة، وأنه (وأنبتها نباتا حسنا) أي: جعلها شكلا مليحا ، ومنظرا بهيجا، ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده ، تتعلم منهم الخير والعلم والدين.
ولهذا قال: (وكفلها زكريا) وفي قراءة: (وكفلها زكريا) بتشديد الفاء ونصب زكريا على المفعولية، أي جعله كافلا لها.
قال ابن إسحاق: وما ذاك إلا أنها كانت يتيمة.
وذكر غيره أن بني إسرائيل أصابتهم سنة جدب، فكفل زكريا مريم لذلك.
ولا منافاة بين القولين. والله أعلم.
وإنما قدر الله كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علما جما نافعا ، وعملا صالحا؛ ولأنه كان زوج خالتها، على ما ذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما.
وقيل: زوج أختها." التفسير: (2/ 35).
وقال ابن عاشور: " ولما ولدت مريم كان أبوها قد مات ، فتنازع كفالتها جماعة من أحبار بني إسرائيل ، حرصا على كفالة بنت حبرهم الكبير، واقترعوا على ذلك، فطارت القرعة لزكرياء، والظاهر أنَّ جعل كفالتها للأحبار لأنها محررة لخدمة المسجد فيلزم أن تربى تربية صالحة لذلك "، التحرير والتنوير: (3/ 235).
والخلاصة
روي أن زكريا عليه السلام من أبناء عمومة مريم، وقد كان زوج أختها أو خالتها، وقد كان كافلًا لها، بمعنى: أن كان يقوم بحاجاتها، ويرعاها رعاية تامة .
والله أعلم