ما التاريخ الصحيح لتسلسل الأنبياء والرسل ، من آدم إلى محمد عليه السلام ؟
الحمد لله.
أولا:
لم يقص الله تعالى علينا كل أنبيائه ورسله، وإنما قص علينا بعضهم فقط.
قال الله تعالى: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر (78).
والذين سمّاهم القرآن هم خمسة وعشرون نبيّا ورسولا.
قال الله تعالى: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) الأنعام (83 – 86).
فهؤلاء ثمانية عشر نبيا ذكروا في سياق واحد .
وذكر آدم وهودا وصالحا وشعيبا وإدريس وذا الكفل في أماكن متفرقة من القرآن ، ثم خاتمهم نبينا محمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وصحّ في السنة ذكر اسم الخضر ، على خلاف قوي بين أهل العلم : هل هو نبي ، أو ولي صالح .
وذكر أيضا : يوشع بن نون ، وهو الذي خلف موسى عليه السلام على قومه ، وفتح بيت المقدس .
ثانيا:
أما ترتيب زمنهم، كما ذكر أهل العلم:
- فأولهم هو آدم عليه السلام.
قال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) آل عمران (33).
وعن أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟
قَالَ: نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ.
قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟
قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ.
قَالَ: كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟
قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟
قَالَ: ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَمًّا غَفِيرًا ) رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 262)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (7 / 582).
- ويذكر أهل العلم أنه بعد آدم عليه السلام، كان ابنه شيث نبيا.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام، وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه، عن أبي ذر مرفوعا: أنه أنزل عليه خمسون صحيفة " انتهى، من "البداية والنهاية" (1 / 232).
وحديث أبي ذر هذا ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "التعليقات الحسان" (1 / 387).
- إدريس عليه السلام:
قال الله تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم (56 – 57).
قال ابن كثير : " وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام " انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 234).
على أن بعض العلماء يجعل نوحا عليه السلام متقدما عليه في الزمن .
- نوح عليه السلام :
قال الله تعالى: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ) الأنعام (84 – 89).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" وقوله في هذه الآية الكريمة: ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) أي: وهدينا من ذريته ( دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) الآية، وعود الضمير إلى "نوح"؛ لأنه أقرب المذكورين، ظاهر. وهو اختيار ابن جرير، ولا إشكال عليه " انتهى. "تفسير ابن كثير" (3 / 298).
- هود عليه السلام:
حيث نص القرآن على أن قوم هود ، وهم عاد ، كانوا خلفا لقوم نوح عليه السلام.
قال الله تعالى: ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ، قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الأعراف (65 – 69).
- صالح عليه السلام:
نص القرآن على أن ثمود قوم صالح عليه السلام كانوا خلفا لعاد قوم هود عليه السلام.
قال الله تعالى: ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الأعراف (73 – 74).
- إبراهيم عليه السلام:
قال الله تعالى: ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) التوبة (70).
- وقد عاصره لوط عليه السلام ؛ كما نص على ذلك الوحي في قصة إبراهيم عليه السلام في سورة العنكبوت: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) العنكبوت (26 – 27).
- ويذكر أهل العلم؛ أنه بعد قوم لوط بزمن قريب ، كان شعيب عليه السلام.
قال الله تعالى: ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) هود (84 – 88).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين، التي هي قرية من أرض معان، من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز ، قريبا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة " انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 427).
- وبعد إبراهيم عليه السلام كان إسماعيل وإسحاق عليهما السلام.
قال الله تعالى: ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ، وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) مريم (49 – 50).
- ثم بعد إسحاق كان يعقوب عليه السلام:
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ، وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) هود (69 – 71).
وقال الله تعالى: ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة (133).
- وبعد يعقوب كان يوسف عليهما السلام:
قال الله تعالى في قصة مؤمن آل فرعون: ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ) غافر (34).
وهو بعد يعقوب عليهما السلام؛ لأنه ابنه.
- أيوب عليه السلام:
وقد نص الله تعالى على نبوته في قوله تعالى: ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) النساء (163).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " فالصحيح أنه من سلالة العيص بن إسحاق، وامرأته قيل: اسمها ليا بنت يعقوب. وقيل: رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، وهذا أشهر، فلهذا ذكرناه هاهنا – أي بعد يوسف عليه السلام - " انتهى، من "البداية والنهاية" (1 / 506).
- ذو الكفل عليه السلام ، ولم يذكر الله تعالى لنا شيئا من أمره ، والذي يدل على نبوته أنه ذكر في سياق ذكر الله تعالى لعدد من أنبيائه عليهم السلام؛ كما في قول الله تعالى:
( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ، وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) الأنبياء ( 83 – 85).
وقال الله تعالى: ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ) ص (45 – 48).
وزعم بعضهم أنه ابن لأيوب عليه السلام. ينظر البداية والنهاية (1/516) .
- يونس عليه السلام:
قال الله تعالى : ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) الصافات (139).
والله أعلم متى كان زمنه، وقد ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء قبل موسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى استثنى قومه من العذاب العام بسبب إعلانهم بالإيمان.
قال الله تعالى: ( فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) يونس (98).
وبعد موسى عليه السلام ، كان قد شرع الجهاد ورفع العذاب العام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم، كما أهلك قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وفرعون، وغيرهم، بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار؛ كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة " انتهى. "الجواب الصحيح" (2 / 251).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: " وقوله: ( مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ) يعني: أنه بعد إنزال التوراة: لم يعذب أمة بعامة، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين " انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 239).
- موسى وأخوه هارون عليهما السلام:
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ، فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ) الفرقان (35 – 36).
وقال الله تعالى: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ) المؤمنون (45 – 46).
- وقد عاصرهم الخضر عليه السلام ، على قول من ذهب إلى نبوته من أهل العلم؛ لأنه التقى بموسى عليه السلام كما قص الله علينا ذلك في سورة الكهف:
( فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) الكهف (65).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً ... ) رواه البخاري (74) ومسلم (2380).
- يوشع بن نون:
وقد جاء في السنة أنه هو فتى موسى عليه السلام في قصة موسى مع الخضر؛ حيث قال الله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) الكهف (60).
قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ:حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ... ) رواه البخاري (122) ومسلم (2380).
وقد ورد في سنة ما يثبت نبوة يوشع، روى الإمام أحمد في "المسند" (14 / 65) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 221)، وجوّد إسناده الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1 / 394).
وثبت في حديث متفق عليه أن هذا الذي حبست له الشمس نبي من الأنبياء؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا، فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ... ) رواه البخاري (3124) ومسلم (1747).
- إلياس وبعده اليسع عليهما السلام:
قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: " ولا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين ، وأمور الأمم السالفين ، من أمتنا وغيرهم : أن القيم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع : كان كالب بن يوفنا، ثم حزقيل بن بوذى من بعده ...
وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في الكتاب عليه السلام كما بلغنا: ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ) " انتهى. "تاريخ الطبري" (1 / 457).
ثم قال في (1 / 461 - 464):
" ولما قبض الله حزقيل كثرت الأحداث- فيما ذكر- في بني إسرائيل، وتركوا عهد الله الذي عهد إليهم في التوراة، وعبدوا الأوثان، فبعث الله إليهم فيما قيل: إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران...
ثم قام بعد إلياس بأمر بني إسرائيل- فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: كما ذكر لي عن وهب بن منبه قال: ثم نبئ فيهم- يعني في بني إسرائيل- بعده يعني بعد إلياس- اليسع، فكان فيهم ما شاء الله أن يكون، ثم قبضه الله إليه "انتهى.
وإلياس واليسع عليهما السلام قد ثبتت نبوتهما بنص القرآن :
قال الله تعالى: ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) الصافات (123).
وقال الله تعالى: ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ) ص (45 – 48).
وقال الله تعالى: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) الأنعام (84 – 86).
- ثم جاء بعدهم النبي الذي اشار إليه القرآن؛ في قوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) البقرة (246 - 248).
وقد اختلف أهل التفسير في اسمه، ولا يعرف في نصوص الكتاب والسنة ذكر لاسمه.
- وقد عاصره داوود عليه السلام ، كما هو ظاهر من سياق القصة؛ حيث قال الله تعالى:
( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ) البقرة (251).
- وبعد داوود عليه السلام ورث النبوة ابنه سليمان عليه السلام.
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) النمل (15 – 16).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " وقوله: ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) أي: في الملك والنبوة، وليس المراد وراثة المال؛ إذ لو كان كذلك ، لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنه قد كان لداود مائة امرأة. ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة؛ فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة ). " انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 182).
- ثم جاء زكريا وابنه يحيى ثم عيسى عليهم السلام، كما هو واضح من قوله تعالى:
( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ، فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران (35 / 39).
- وبعد عيسى عليه السلام بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ ) رواه البخاري (3442) ومسلم (2365).
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء.
قال الله تعالى: ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) الأحزاب (40).
ولمزيد الفائدة طالع كتاب قصص الأنبياء لابن كثير رحمه الله تعالى.
ومما يجدر الانتباه إليه أن أخبار الأنبياء عليهم السلام ومعرفة أزمانهم : مما يكثر فيه الأخذ عن أهل الكتاب.
وأخبارهم التي لا يوجد في شرعنا ما ينفيها أو يثبتها : فحكمها أن لا نصدقها ولا نكذبها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485) .
وعن ابْن أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (6 / 712) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل ، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم ، خوف أن يصدقوا بباطل ، أو يكذبوا بحق .
ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات ؛ في واحدة منها يجب تصديقه ، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه ، وفي واحدة يجب تكذيبه ، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ، كما في الحديث المشار إليه آنفا : وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه " انتهى . " أضواء البيان " (4 / 238) .
فالأنبياء الذين دل الدليل من شرعنا على فترتهم الزمنية ، وترتيبهم ، فأمرهم واضح .. يجب اعتقاد ما دل عليه الدليل .
وما لم يقم دليل على فترتهم الزمنية ، فتحديد ذلك مأخوذ من أهل الكتاب ، وأخبارهم يتوقف فيها ، فقد تكون صادقة ، وقد تكون كاذبة .
والله أعلم.