الحمد لله.
أولا:
هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا وجود له في دواوين السنة فيما نعلم .
لكن قصة خلع النعل : ذكرها اللكنوي ، وأنكرها ، في "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (92-93):
"وَلْنَذْكُرُ هَهُنَا بَعْضَ الْقِصَصِ الَّتِي أَكْثَرَ وُعَاظُ زَمَانِنَا ذِكْرَهَا فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ ، وَظَنُّوهَا أُمُورًا ثَابِتَةً مَعَ كَوْنِهَا مُخْتَلِقَةً مَوْضُوعَةً.
فَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُونَ من أَن النَّبِي لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ إِلَى السَّمَوَات العلى ، وَوَصَلَ إِلَى الْعَرْشِ الْمُعَلَّى : أَرَادَ خَلْعَ نَعْلَيْهِ ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِسَيِّدِنَا مُوسَى حِينَ كَلَّمَهُ: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى) . فَنُودِيَ مِنَ الْعَلِيِّ الأَعْلَى: يَا مُحَمَّدُ! لَا تَخْلَعْ نَعْلَيْكَ فَإِنَّ الْعَرْشَ يَتَشَرَّفُ بِقُدُومِكَ مُتَنَعِّلا ، وَيَفْتَخِرُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَبَرِّكًا، فَصَعِدَ النَّبِيُّ إِلَى الْعَرْشِ وَفِي قَدَمَيْهِ النَّعْلانِ وَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ عِزٌّ وَشَأْنٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَدَائِحِ الشِّعْرِيَّةِ ، وَأَدْرَجَهَا بَعْضُهُمْ فِي تَأْلِيفِ السَّنِيَّةِ ، وَأَكْثَرُ وُعَاظِ زَمَانِنَا يَذْكُرُونَهَا ، مُطَوَّلَةً وَمُخْتَصَرَةً ، فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ الْمُقْرِي الْمَالِكِيُّ فِي كَتَابِهِ "فَتْحِ الْمُتْعَالِ فِي مَدْحِ خَيْرِ النِّعَالِ"، وَالْعَلامَةُ رَضِيُّ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْزُرْقَانِيُّ فِي "شَرْحِ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ" : عَلَى أَن هَذِه الْقِصَّة مَوْضُوعة بِتَمَامِهَا ، قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهَا .
وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمِعْرَاج النَّبَوِيّ ، مَعَ كَثْرَة طرقها : أَن النَّبِي كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ مُنتعِّلا، وَلا ثَبَتَ أَنَّهُ رَقِيَ عَلَى الْعَرْشِ ؛ وَإنْ وَصَلَ إِلَى مَقَام : دَنَا مِنْ رَبِّهِ فَتَدَلَّى ، فَكَانَ قَابَ قوسين أَو أدنى ، فَأَوْحَى رَبُّهُ إِلَيْهِ مَا أَوْحَى" انتهى .
والله أعلم.