شخص ذهب للحج ثم ترك طواف الإفاضة والسعي جهلا ، ورجع بلده ، مع العلم أنه ليس متزوجا ، وذهب بعدها أكثر من مرة للعمرة ، ونوى في طوافه وسعيه أنها للعمرة ، ثم علم بعد تلك العمرات بوجوب طواف الإفاضة والسعي ، فذهب وطاف الإفاضة وسعى للحج . السؤال الآن : ما حكم عمراته تلك هل هي صحيحة ؟ وهل تصرفه صحيح بإعادته لطواف وسعي الحج بعد تلك العمرات ؟ أم كان طواف وسعي العمرة يجزئان عن طواف وسعي الحج ؟ مع العلم بأني شخص موسوس ، ويتعبني التفكير في أمور العبادات جدا .
الحمد لله.
أولا:
طواف الإفاضة وسعي الحج ركنان من أركانه، ولا يتم الحج إلا بهما.
ومن حج ولم يطف للإفاضة ولم يسع، وكان قد تحلل التحلل الأصغر بالرمي والحلق، فإنه يظل ممنوعا من النساء فقط، وعليه أن يعود إلى مكة ليطوف ويسعى مهما طال الزمن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، فإذا تركه الإنسان فإن حجّه لم يتم ، لا بدّ أن يأتي به ، فيرجع ، ولو من بلده ، فيطوف طواف الإفاضة .
وفي هذه الحال ، ما دام لم يطف : لا يجوز أن يستمتع بزوجته ؛ لأنه لم يتحلل التحلل الثاني ، إذ إنه لا يحل التحلل الثاني إلا بعد طواف الإفاضة والسعي ، إن كان متمتعاً ، أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى مع طواف القدوم " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام " (ص 541).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم أسع ، فما الحكم ؟
فأجاب : " عليك السعي ، وهذا غلط منك ، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم ، لا بد من السعي بعد الطواف ، بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى ، فالذي ترك السعي يسعى الآن " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (17/341) .
وإذا كان هذا الشخص قد اعتمر بعد حجه عمرات، فإن عمرته الأولى منهن تتم حجه، فيقع الطواف والسعي منها عن طواف الحج وسعيه، ولا يضره أنه نوى ذلك للعمرة؛ فإنه لازال محرما بالحج، وإحرامه بالعمرة لاغ، والطواف والسعي لا يشترط لهما أن يعين نيتهما ، أنهما للحج أو للعمرة على الصحيح، وينظر: الشرح الممتع (7/ 403).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (273955) وفيه : أن طواف العمرة التالية ، يتمم العمرة التي قبلها.
قال الدردير في الشرح الكبير (2/ 27): " (ولغا عمرة) - لغا بفتح اللام والغين المعجمة : كرمى ، فعل لازم بمعنى : بطل ، وعمرة فاعله - .
أي : وبطلت عمرة أُرْدِفت (عليه) أي على الحج ، لضعفها وقوته" انتهى.
والحاصل : أن طواف العمرة التي وقعت بعد الحج، وسعيها : يتمان الحج، ولم يكن على السائل أن يذهب مرة أخرى ليطوف ويسعى للحج.
ثانيا:
يلزم هذا السائل شاة تذبح في مكة ، وتوزع على فقرائها : لتركه طواف الوداع؛ لأن الوداع قبل تمام النسك لا يعتبر.
ثالثا:
ينبغي الحذر من الوسوسة ، فإنها داء وشر، وخير علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها.
وينظر: جواب السؤال رقم (39684).
والله أعلم.