الحمد لله.
القول المذكور قول منكر، وبهتان عظيم .
وأركان الإسلام أعظم من أن يتدخل فيها العبد ، فيضيف إليها أو يزيد فيها ؛ فكيف إذا كان يزيد فيها أمرا محرما، أو مذموما، فإن هذا مناف للتعظيم، وهو إلى الاستهزاء أقرب.
وهذه المحبة إن كانت لرجل أو لأجنبية فهي من العشق المحرم، والتصريح به يدعو إلى الفتنة وزيادة الشر.
وإن كانت لزوجة فهي محبة مذمومة لما فيها من الغلو والإفراط.
وأين الخوف من الله في هذا، وقد قال ما قال!
فلو وجد الخوف من الله لمنعه من أن يقول ذلك، أو أن تصل محبة المخلوق في قلبه إلى هذه الدرجة، إن كان صادقا فيما يدعيه من المحبة.
قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا كان القلب محبا لله وحده مخلصا له الدين ، لم يبتل بحب غيره أصلا ، فضلا أن يبتلى بالعشق ، وحيث ابتُلي بالعشق ، فلنقص محبته لله وحده ؛ ولهذا لما كان يوسف محبا لله مخلصا له الدين ، لم يُبتل بذلك ، بل قال تعالى : ( كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ ) .
وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها ، فلهذا ابتليت بالعشق " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/135).
وقال رحمه الله: " الرجل اذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها ، تحكم فيه وتتصرف بما تريد ، وهو فى الظاهر سيدها ، لأنه زوجها ، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها ، لا سيما إذا دَرَت بفقره إليها ، وعشقه لها ، فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه ، بل أعظم ، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/185).
وقال ابن القيم رحمه الله: "وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى ، المعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه ؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه ، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ؛ ولهذا قال تعالى في حق يوسف : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف/24 .
فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق ، وما يترتب عليه من السوء والفحشاء ، التي هي ثمرته ونتيجته ؛ فصرف المسبب ، صرف لسببه ، ولهذا قال بعض السلف : العشق حركة قلب فارغ" انتهى من "زاد المعاد" (4/ 246).
وليحذر العبد من فلتات اللسان، فإن الكلمة قد تهوي بصاحبها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب.
روى البخاري (6478) ، ومسلم (2988) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ .
وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ).
وروى البخاري (6477) ، ومسلم (2988) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ)
وعند الترمذي (2319) ، وابن ماجه (3969) عن بِلَال بْن الحَارِثِ المُزَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ : فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .
وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
والله أعلم.