إذا دخل المسبوق الصلاة والإمام في رفعه من السجود هل يظل قائما أو يتابعه؟

23-08-2024

السؤال 286714

دخل والدي المسجد لصلاة العصر فوجد الإمام ساجدًا وسيقوم للركعة الثانية، فوقف في الصف، وأثناء قيام الإمام للركعة الثانية كبّر، وشرع في دعاء الاستفتاح قبل أن يستوي الإمام قائما، ويقول الله أكبر، فما حكم صلاته؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

السنة للمأموم أن يدخل مع الإمام على أي حال كان فيها، سواء كان ساجدا أو بين السجدتين أو غير ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :  إِذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا  البخاري (636)، ومسلم ( 602 ) .

 ولقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا , وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ  رواه أبو داود (893)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

ولقوله صلى الله عليه وسلم:  إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ رواه الترمذي (591) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

قال في "شرح منتهى الأرادات" (1/ 262): " (وسن دخوله) أي: المأموم (معه) أي: الإمام (كيف أدركه)؛ وإن لم يعتد له بما أدركه فيه، لحديث أبي هريرة مرفوعا إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا ".

(وينحط) مأموم أدرك إمامه غير راكع، (بلا تكبير) نصا؛ لأنه لا يعتد له به، وقد فاته محل التكبير" انتهى. 

وقال في "مطالب أولي النهى" (1/ 621): " (وسن دخول مأموم معه) أي: الإمام (كيف أدركه) ، وإن لم يعتد له بما أدركه فيه، لحديث أبي هريرة، وتقدم.

(وينحط) مأموم أدرك إمامه غير راكع (بلا تكبير)؛ نصا، (ولو أدركه ساجدا)، لكن لا يُعتد له به، وقد فاته محل التكبير.

(ويقوم مسبوق) سلم إمامُه (به) أي: بالتكبير، (وجوبا) نص عليه؛ لأنه انتقال يُعتد به؛ أشبه سائر الانتقالات.

(و) تجب (عليه المتابعة) لإمامه (قولا وفعلا) ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود؛ فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا.

والمراد بمتابعته في الأقوال: أن يأتي بتكبير الانتقال عما أدركه فيه، وما في السجود من التسبيح، وما بين السجدتين.

وأما التشهد إذا لم يكن محلا لتشهده؛ فلا يجب عليه" انتهى.

وقال الدردير في شرح قول خليل: " وكبر المسبوق لركوع أو سجود، بلا تأخير، لا لجلوس": " (وكبر المسبوق بعد) تكبيرة (الإحرام لركوع)، إذا وجد الإمام راكعا، أو رافعا منه" انتهى من "الشرح الصغير" (1/ 458).

وعليه؛ فمن أدرك الإمام وهو ساجد، كبر للإحرام وسجد معه، فإن رفع الإمام قبل أن يسجد المأموم، رفع ولم يسجد؛ لأنه لا يعتد له به، وقد فاتت المتابعة.

فإن أدركه وهو في رفعه من السجود، فإنه يكبر ولا يهوي لأنه لا يفيده شيئا؛ لأن الهوي من الركوع إلى السجود، أو النهوض من السجود إلى القيام: ليس مقصودا لنفسه، بل للانتقال إلى الركن المقصود .

وعلى ذلك : فإنه في هذه الحالة : يكبر للإحرام ، ثم لا يهوي للسجود ، لأن الإمام قد رفع رأسه منه ، ولا يهوي أيضا ليوافقه في رفعه ؛ بل يظل قائما ، ينتظر قيام إمامه.

قال ابن العماد الأقفهسي، الشافعي، رحمه الله :" مسألة:

أحرم مع الإمام بعدما رفع رأسه من السجود: انتظره قائما، ولا يجب عليه أن يقع على الأرض ليوافق الإمام في القيام، ولو فعله لم تبطل صلاته.. " انتهى، من "القول التام في أحكام المأموم والإمام" (95).

ثانياً: 

وأما الاستفتاح فينبني على مسألة: هل ما يدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها؟

فمن قال: إنه آخرها، كالجمهور، قالوا: لا يستفتح ولا يستعيذ.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وما يدركه المأموم مع الإمام آخر صلاته، لا يستفتح فيه.

وما يقضيه: أولها؛ يستفتح إذا قام إليه، ويستعيد" انتهى من "الكافي" (1/ 291).

ومن قال: إن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، كالشافعية، قالوا: يستفتح، لكنهم لا يرون الاستفتاح في هذه الصورة، لأن من أدرك الإمام في غير القيام، فإنه لا يستفتح عندهم، وهذا أدرك الإمام في رفعه من السجود.

قال النووي رحمه الله: " ولو كان مسبوقاً، أدرك الإِمام في إحدى الركعات: أتى به؛ إلا أن يخاف من اشتغاله به فوات الفاتحة، فيشتغل بالفاتحة، فإنها آكد، لأنها واجبة، وهذا سنّة.

ولو أدرك المسبوقُ الإِمامَ في غير القيام، إما في الركوع، وإما في السجود، وإما في التشهد: أحرم معه، وأتى بالذكر الذي يأتي به الإِمام، ولا يأتي بدعاء الاستفتاح في الحال، ولا فيما بعد" انتهى من الأذكار، ص45

 وقال رحمه الله: " المسبوق إذا أدرك الإمام في غير القيام: لا يأتي بدعاء الاستفتاح، حتى قال الشيخ أبو محمد في التبصرة: لو أدرك الامام رافعا من الاعتدال، حين كبر للإحرام: لم يأت بدعاء الاستفتاح؛ بل يقول سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، إلى آخره؛ موافقة للإمام.

وإن أدركه في القيام، وعلم أنه يمكنه دعاء الاستفتاح والتعوذ والفاتحة: أتى به. نص عليه الشافعي في الأم، وقاله الاصحاب" انتهى من "المجموع" (3/ 319).

وفي "حاشية الجمل" (1/351): " (قَوْلُهُ دُعَاءُ افْتِتَاحٍ) أَيْ: لِإِمَامٍ، وَمُنْفَرِدٍ، وَمَأْمُومٍ، وَتَمَكَّنَ كُلٌّ مِنْ فَوْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْأَدَاءِ، أَوْ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ فِي الْقِيَامِ؛ دُونَ الِاعْتِدَالِ، فَمَا بَعْدَهُ.." . والله أعلم.

 وعليه؛ فهذا المسبوق لا يستفتح هنا على المذهبين.

والله أعلم.

صلاة الجماعة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب