الحمد لله.
أولا:
لا يجوز إسقاط الجنين إذا تم له أربعة أشهر ولو كان مشوها، أو يغلب على الظن موته عقب نزوله، إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة الأم.
وينظر: جواب السؤال رقم : (1978) ، ورقم : (12118) ، ورقم : (13319) .
فالحذر الحذر من إسقاط الجنين، فإنه قتل للنفس التي حرم الله.
فإذا مات قبل الولادة أو بعدها، فاصبري واحتسبي، وأبشري بالأجر والثواب، فقد روى أحمد (19725 ) ، والترمذي (1021) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ والحديث حسنه الألباني في "صحيح الترمذي".
ثانيا:
إذا قال الأطباء إن تكرر هذا التشوه محتمل احتمالا كبيرا؛ لأجل السن أو الجينات، فلا مانع من إيقاف الحمل؛ لما في الحمل، مع وفاة المولود غالبا ، من المشقة على الأم حسيا ومعنويا ، مع فوات القصد من الحمل ، وما يعين على تحمل آلام الوضع .
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " لا يجوز العلاج لقطع الحمل أو إيقافه إلا عند الضرورة، إذا قرر الأطباء " المعتبرون " أن الولادة تسبب إرهاقاً ، أو تزيد المرض ، أو يخاف من الحمل والوضع الهلاك خوفاً غالباً .
ولا بد مع ذلك من رضى الزوج وموافقته على القطع أو الإيقاف، ثم متى زال العذر أعيدت المرأة إلى حالتها الأولى " انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (2/ 977).
وينظر: جواب السؤال رقم : (118115) .
وإن قويت عزيمتك، ورغبت في الحمل، فلا حرج في ذلك، مع حسن الظن بالله تعالى، والإكثار من دعائه واللجوء إليه، فهو سبحانه الشافي المعافي، الرازق الوهاب تبارك وتعالى .
فإن أعطاك الله ما تريدين ، فالحمد لله .
وإن حصل مكروه، فاصبري واحتسبي، ولن يضيع أجرك عند الله.
قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة/155- 157 .
وروى البخاري (1249) ومسلم (2632) واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ لِنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَوِ اثْنَيْنِ ".
وروى البخاري (1381) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ .
وروى أحمد (15595) عن معاوية بن قرة، عن أبيه: " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ : النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُحِبُّهُ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَبَّكَ اللهُ كَمَا أُحِبُّهُ ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ ابْنُ فُلَانٍ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ: أَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: بَلْ لِكُلِّكُمْ ". وصححه محققو المسند.
وروى أحمد (16971) عن شرحبيل بن شفعة، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة . قال: فيقولون: يا رب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا ، قال: فيأتون ، قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم مُحْبَنْطِئين، ادخلوا الجنة ، قال: " فيقولون: يا رب آباؤنا ، قال: " فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم وصححه محققو المسند.
قال ابن الأثير في "النهاية": المحبنطىء بالهمز وتركه: المتغضب ، المستبطىء للشيء، وقيل: هو الممتنع امتناع طِلبة، لا امتناع إباء.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (127177) .
نسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يقر عينك بذلك.
والله أعلم.