الحمد لله.
أولا:
لقد سرنا أنك أرسلت سؤالك إلينا، وطلبت نصحنا، ونحن لن نغشك ، ولن نخدعك، بل ننصحك بما نراه الخير لك ، ولأهلك ، ولأولادك، وهو أن تعتنق الإسلام، وتدع ما أنت عليه، فإن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وهو دين سهل عظيم يقوم على عبادة الله وحده، والإيمان بجميع رسله دون تفريق بينهم، ولعلك رأيت من أهلك ما دلك على شيء من محاسنه، وإن كان بعض المسلمين يسيء إليه بتصرفاتهم.
فإن أبيت الإسلام ، وبقيت على دينك : فاعلم أنه لا تحل لك زوجتك، وقد أخطأ والدها ، حين قبلك زوجا لها ، خطأ عظيما يدل على جهله بأحكام الإسلام ، أو قلة مبالاته بما يحل ويحرم في دينه ، كما هو حال طائفة من المسلمين الذين يعيشون في الغرب خاصة . فإنه لا يحل بحال أن يتزوج غير المسلم من مسلمة.
هذا حكم الله الذي في عباده ، أنزله في كتابه، وأجمع عليه أهل الإسلام، حتى إن من أنكر ذلك منهم ، كان كافرا بالله العظيم ؛ إلا أن يكون جاهلا ، لم يتبين له حكم ذلك ، فيعذر بجهله .
قال الله تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ البقرة/ 221 ، وقال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ الممتحنة/ 10 .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130).
فلا يصح بقاؤك زوجا لهذه المسلمة ما لم تدخل الإسلام، ولا يحل لها البقاء معك ، ولا تمكينك من نفسها، وتمكينها لك من نفسها فاحشة منكرة، تجب عليها بها الحد.
وأما الأولاد فإنهم مسلمون؛ لأنهم يتبعون خير الأبوين دينا.
ثانيا:
إذا هداك الله ، وأنعم عليك بالإسلام، فإنك تعقد على هذه المرأة عقدا جديدا، إن رضيتْ هي بذلك، ورضي وليها المسلم، وهو الذي يتولى عقد نكاحها أو وكيله، وولي المرأة، أبوها، فابنها البالغ، فجدها، فأخوها، فعمها، فابن عمها، على ترتيب العصبة.
ثالثا:
لا ندري السبب الحامل على ما جرى بين الأم وابنتها، ولا شك أنه لا يجوز للأم أن تحرم ابنتها من الميراث الشرعي من أبيها .
وقد قسم الله تعالى الميراث بنفسه في كتابه، وأعطى البنت نصف ميراث أبيها إذا كانت منفردة، لا أخ لها ولا أخت من هذا الأب، فإن كان معها أخت فأكثر : كان لهن الثلثان، وإن كان معها أخ فأكثر كان للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما الزوجة : فلها هنا الثمن.
قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ النساء/11 .
وقال في حق الزوجة: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ النساء/12 .
نسأل الله أن يشرح صدرك للحق، وأن يوفقك لما فيه سعادتك وفلاحك، وسعادة وأولادك ومن معك.
والله أعلم.