الحمد لله.
الوشم محرم تحريما شديدا، وهو من الكبائر لما ورد فيه من اللعن، فعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ : إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، فَقَالَ : وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم " رواه البخاري (4886) ، ومسلم (2125) .
ورواه النسائي (5253) بلفظ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .
قال النووي رحمه الله :"الواشمة فاعلة الوشم، وهى أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة، أو غير ذلك من بدن المرأة ، حتى يسيل الدم ، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة ، فيخضر ، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش ، وقد تكثره ، وقد تقلله ، وفاعلة هذا واشمة ، والمفعول بها موشومة ، فإن طلبت فعل ذلك بها ، فهي مستوشمة ، وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها ، والطالبة له" انتهى من "شرح النووي على مسلم" ( 14 / 106).
لكن يباح الوشم لإزالة داء، كالتغطية على أثر تشوه من حرق ونحوه؛ لما روى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : " لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ " والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود ".
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال :" سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ ، إِلَّا مِنْ دَاءٍ " وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح .
قال الشوكاني رحمه الله : " قوله : ( إلا من داء ) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين، لا لداء وعلة ، فإنه ليس بمحرم " انتهى من "نيل الأوطار" (6/229).
وينظر: جواب السؤال رقم : (218600) .
وما ذكرت من الخطوط البيضاء التي تنتج عن الحمل ، أو نقصان الوزن ، ونحو ذلك : لا يعتبر داء، بل هو شيء معتاد ، يصيب كثيرا من النساء، فلا يكون الوشم حينئذ إلا طلبا للحسن والجمال، وما كان كذلك كان داخلا في اللعن.
والله أعلم.