ما صحة القصة التالية :
"دخل ملك الموت على نبي الله داوود ، فنهض النبي عليه السلام ، وقال : أهلا بأخي وحبيبي ملك الموت ، أجئتني قابضاً أم زائرا ؟
قال لا جئت أعلمك بأمر هذا الشاب الذي في مجلسك بقي من عمره عشرة أيام ، والشاب عمره عشرين سنة يأتي ليجالس نبي الله ، فاغتم نبي الله داوود ، وأخذ يراقب هذا الشاب ، ومضت الأيام العشر ولم يأته الموت لهذا الشاب ، وإذ بملك الموت يدخل على نبي الله ، فنهض وقال :
أهلا بأخي وحبيبي ملك الموت أجئتني قابضا أم زائرا ؟
قال ملك الموت : لا جئت أعلمك بأمر هذا الشاب الذي خرج من مجلسك ، قال نبي الله : بلى يا ملك الموت ، قلت : لي عشرة أيام وإلى اليوم ستة عشرة يوما ، قال : أمرني ربي أن أقبض روحه
، فمشيت شرقا وغرباً ، فلم أجد له لقمة يأكلها ، ولا جرعة ماء يستاغها ، ومابقي له إلا أنفاساً معدودة ، هو يمشي وأنا أمشي بجانبه ، فمر به فقير، وقال : أعطني بالله عليك ، فمد يده في جيبه ، وأخرج ستة دنانير ، وأعطاها للفقير ، فقال الفقير : أطال الله في عمرك ، وجعلك رفيق داوود في الجنة ، فنادى رب العزة تعال يا ملك الموت لا تقبض ، قال ملك الموت: ربي لم يكن له لقمة يأكلها ، ولا جرعة ماء يستاغها
ومابقي له إلا انفاس معدودة ؟
قال الله : أما رأيت ما أعطى الفقير؟
قال : بلى .
أما سمعت دعاء الفقير ؟
قال : بلى .
قال : اذهب إلى نبي الله ، وقل السلام يقرؤك السلام ، ويقول لك أن الله أعطاه بستة دنانير ستين عاماً ، ولا يموت إلا وله من العمر ثمانون عاما ، وهو رفيقك يا داوود في الجنة " ؟
الحمد لله.
هذه القصة لم نقف على إسناد لها، ولا رواية في كتاب من كتب السنة المعتمدة، ولا في كتاب ينتقي أخباره ورواياته. وعلامات الوضع والكذب ظاهرة عليها، لا تحتاج إلى دليل أو بيان. وغاية أمرها أن تكون من أحاديث القصاص، وأخبار بني إسرائيل؟!
وغاية ما وقفنا على ذكرها: إنما هو في كتاب أبي الليث السمرقندي: "عقوبة أهل الكبائر" بغير إسناد؛ حيث ورد فيه:
" وروي أن شابا حسن الوجه دخل على داود عليه السلام فسلم عليه وهو عريس ليلة عرسه، وملك الموت جالس عند داود فقال: أتعرف هذا يا داود؟ ... " انتهى من "عقوبة أهل الكبائر" (ص 68).
وأبو الليث السمرقندي رغم فضله وفقهه، إلا أن كتبه تكثر فيها الأحاديث الموضوعة.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" الإمام، الفقيه، المحدث، الزاهد، أبو الليث، نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي، صاحب كتاب (تنبيه الغافلين) ، وله كتاب (الفتاوى) ...
وتروج عليه الأحاديث الموضوعة " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (16 / 322).
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" عن كتاب "عقوبة أهل الكبائر" لمؤلفه أبي الليث السمرقندي؟
فأجاب بقوله: هذا الكتاب فيه الكثير من الأشياء التي لا تصح؛ ولهذا لا أنصح إخواني بقراءته إلا رجل كان عنده علم شرعي يميز الصحيح من الضعيف... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (26 / 352).
فالحاصل؛ أن هذه القصة غير ثابتة.
والله أعلم.