إطلاق اسم " حواء " على زوجة آدم عليه السلام ثابت في السنة النبوية.

06-10-2020

السؤال 310818

اسم حواء لم يذكر في القرآن فأين أتى ذكر حواء ؟

ملخص الجواب:

اسم حواء ثابت في صحيح السنة النبوية ، ومشهور بين أهل العلم .

الجواب

الحمد لله.

اسم حواء ذكر في صحيح السنة 

لم يذكر اسم حواء في القرآن الكريم ؛ إلا أنه ذكر في صحيح السنة النبوية .

فقد روى البخاري (3399) ، ومسلم (1470) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ   .

ومعنى قوله : ( لم يخنز اللحم ) : بفتح النون ، من خنز اللحم بالكسر : تغير وأنتن . يشير إلى أن خنز اللحم بشيء عوقب به بنو إسرائيل ، حيث كفروا نعمة الله - تعالى - حين ادخروا السلوى ، وقد نهاهم الله - تعالى - جل جلاله عن الادخار ، ولم يكن اللحم يصيبه الفساد قبل ذلك ، فحدث التغير لسوء صنيعهم ، وهو الادخار الناشئ من عدم الثقة بالله ...

وقوله: ( ولولا حواء ) : بالمد أي : لولا خيانتها في مخالفتها .

( لم تخن أنثى زوجها ) : أي : لم تخالفه ( الدهر ) : أي : أبدًا ، وكأن الخيانة تحصل من العوج الذي في طينتها أو جبلتها .

قال القاضي : أي لولا أن حواء خانت آدم ، في إغرائه وتحريضه على مخالفة الأمر ، بتناول الشجرة ،  وسنت هذه السنة ، لما سلكتها أنثى مع زوجها. اهـ.

وقيل : إن خيانتها أنها ذاقت الشجرة قبل آدم ، وكان قد نهاها ، فغرته حتى أكل منها . 

وقيل : خيانتها أنها أرسلها آدم لقطع الشجرة فقطعت سنبلتين وأدته واحدة ، وأخفته أخرى .

ينظر : "مرقاة المفاتيح" (5/ 2118)، و"إكمال المعلم" (4/ 682).

وقال ابن هبيرة في "الإفصاح" (7/ 230) : " إن خيانتها لزوجها ، أنها لما رأت آدم قد عزم على الأكل من الشجرة ، تركت نصحه في النهي له ؛ لأن ترك النصح له خيانة ؛ فعلى هذا ، كل من رأى أخاه المؤمن على سبيل ذلك ، فترك نصحه بالنهي عن ذلك، فقد خانه ، ولا يخرج هذا من تسمية الخائنين الذين جزم الله سبحانه منهم : ( إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخَائِنينَ ) ؛ اللهم إلا أن يسكت تقية ، فذلك له حكم تعلق به " انتهى، بتصرف يسير.

وورد اسم حواء أيضًا في عدة أحاديث لا تخلو أسانيدها من ضعف ، منها ما أخرجه الترمذي (3077) وغيره ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :  لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ ، وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ ، فَقَالَ : سَمِّيهِ عَبْدَ الحَارِثِ ، فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الحَارِثِ ، فَعَاشَ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ   .

إلا أنه حديث ضعيف ، قال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ ".

وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (342)، والأرناؤوط في "تخريج المسند" (20117).

وقد صرح أكثر الأئمة والمفسرين بأن اسم زوجة آدم عليه السلام هو " حواء " ، ولا نعلم أحدًا من العلماء أنكر ذلك .

من ذلك ما جاء في "سنن ابن ماجه" (1/ 174) عن أبي الْيَمَانِ الْمِصْرِيّ ، قَالَ : سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ ، عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   يُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ ، وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ ، وَالْمَاءَانِ جَمِيعًا وَاحِدٌ   ؟

قَالَ : لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّمِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : " فَهِمْتَ؟ " أَوْ قَالَ : " لَقِنْتَ؟ " .

قَالَ : قُلْتُ : لَا .

قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ، لَمَّا خَلَقَ آدَمَ ، خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ ، فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَصَارَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّمِ .

قَالَ ، قَالَ لِي : فَهِمْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ لِي : نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ " انتهى.

وقال مقاتل في تفسير قوله تعالى : "( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) يخوفهم يقول اخشوا ربكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) يعنى آدم (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ) قال : يعني من نفس آدم من ضلعه : حواء، وإنما سميت حواء ؛ لأنها خلقت من حي آدم " انتهى من "تفسير مقاتل بن سليمان" (1/ 355).

وجاء في "تفسير يحيى بن سلام" (1/ 285) في قوله تعالى : ( فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ) [طه: 121] وَقَالَ الْحَسَنُ : لَوْ أَنَّ حَوَّاءَ بَدَأَتْ قَبْلَ آدَمَ ، فَبَدَتْ سَوْأَتُهَا عِنْدَ ذَلِكَ ، لَكَانَتْ لَهُ عِظَةً ، وَلَكِنْ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا " انتهى.

وقال ابن جرير الطبري في قوله تعالى : ( وخلق منها زوجها ) [النساء: 1] : وخلق من النفس الواحدة زوجها ؛ يعني بـ " الزوج " الثاني لها ، وهو فيما قال أهل التأويل : امرأته " حواء "انتهى من "تفسير الطبري" (6/ 340).

وقال البغوي في قوله تعالى ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ) : " وذلك أن آدم لم يكن في الجنة من يجانسه ، فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء شقه الأيسر ، وسميت حواء ؛ لأنها خلقت من حي" انتهى من "تفسير البغوي" (1/ 82).

والحاصل : أن اسم حواء ثابت في صحيح السنة النبوية ، ومشهور بين أهل العلم .

والله أعلم.

التاريخ والسيرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب