الحمد لله.
أولا:
يجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه في القسم، فإن كانتا معه: قسم ليلة ليلة، أو ليلتين ليلتين، بحسب ما يتفقون، وإن كان لا يمكنه الجمع بينهما في بلد واحد، قسم شهرا شهرا، أو أكثر من ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله :"فإن كان له امرأتان في بلديْن : فعليه العدل بينهما ؛ لأنه اختار المباعدة بينهما ، فلا يسقط حقهما عنه بذلك ، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها ، وإما أن يُقدمها إليه ، ويجمع بينهما في بلد واحد .
فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان : سقط حقها ؛ لنشوزها .
وإن أحب القَسْم بينهما في بلديهما : لم يمكن أن يقسم ليلة ليلة ، فيجعل المدة بحسب ما يمكن ، كشهر وشهر ، أو أكثر ، أو أقل ، على حسب ما يمكنه ، وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما" انتهى من "المغني" (8/152) .
ثانيا:
الظاهر أنه لا يلزم الزوج قضاء المدة التي لم تنتقلي إليه فيها لعدم صدور تأشيرتك؛ لأنه أمر خارج عنه.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (102446) .
ثالثا:
يجوز للزوج أن يغير طريقة القسمة بعد استيفاء كل من الزوجتين حقها من القسمة الأولى.
فإذا كانت القسمة السابقة تمت على أنك صاحبة النوبة الأولى، التي بدايتها شهر مارس، فإن لزوجك الآن وقد جمع بينكما في نفس البلد أن ينهي هذه القسمة، ويقسم ليلة ليلة، بل هذا هو الأصل، ولا معنى لأن يبقى معك ستة أشهر دون المبيت مع زوجته الأخرى وهي في نفس البلد.
وإن كانت القسمة السابقة اقتضت أنك صاحبة النوبة الثانية، وقد أخذت الزوجة الأخرى نصيبها، فهذه نوبتك، وليس للزوج أن يبيت مع الأخرى خلال هذه المدة، حتى لو كانت معه في نفس البلد؛ لما فيه من الظلم والعدوان على حقك، لكن له الاتصال والسؤال والزيارة نهارا، ولا يذهب ليلا إلا لضرورة.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وأما الدخول على ضرتها في زمنها :
فإن كان ليلا لم يجز إلا لضرورة ، مثل أن تكون منزولاً بها ، فيريد أن يحضرها ، أو توصي إليه ، أو ما لا بد منه ، فإن فعل ذلك ، ولم يلبث أن خرج ، لم يقض . وإن أقام وبَرَأت المرأة المريضة، قضى للأخرى من ليلتها، بقدر ما أقام عندها .
وإن خرج لحاجة غير ضرورية : أثم .
والحكم في القضاء ، كما لو دخل لضرورة ، لأنه لا فائدة في قضاء اليسير . وإن دخل عليها , فجامعها في زمن يسير , ففيه وجهان : أحدهما لا يلزمه قضاؤه ; لأن الوطء لا يستحق في القسم ، والزمن اليسير لا يقضى . والثاني ، يلزمه أن يقضيه ، وهو أن يدخل على المظلومة في ليلة المجامعة ، فيجامعها ، ليعدل بينهما ، ولأن اليسير مع الجماع يحصل به السكن ، فأشبه الكثير .
وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها ، فيجوز للحاجة ، من دفع النفقة ، أو عيادة ، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته ، أو زيارتها لبعد عهده بها ، ونحو ذلك ; لما روت عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علي في يوم غيري ، فينال مني كل شيء إلا الجماع . .
وإذا دخل إليها لم يجامعها ، ولم يطل عندها ; لأن السكن يحصل بذلك ، وهي لا تستحقه ، وفي الاستمتاع منها بما دون الفرج وجهان : أحدهما ، يجوز ; لحديث عائشة . والثاني ، لا يجوز ; لأنه يحصل لها به السكن ، فأشبه الجماع .
فإن أطال المقام عندها ، قضاه . وإن جامعها في الزمن اليسير ، ففيه وجهان على ما ذكرنا . ومذهب الشافعي على نحو ما ذكرنا ، إلا أنهم قالوا : لا يقضي إذا جامع في النهار . ولنا ، أنه زمن يقضيه إذا طال المقام ، فيقضيه إذا جامع فيه ، كالليل " انتهى من "المغني" (7/234). وينظر : "الموسوعة الفقهية" (33/195).
والله أعلم.