ما حكم قيام الليل لمن لا يستطيع الوضوء ولا التيمم بنفسه، ولا يجد من يساعدونه في تلك الوقت من الليل، فما حكم النوافل لمن في حكم فاقد الطهورين، مثل المشلول الذي لا يجد في وقت ما من يوضئه؟
الحمد لله.
من عدم الماء والتراب وهو المسمى بفاقد الطهورين، اختلف الفقهاء في صلاته، فمنهم من قال: لا يصلي، وهو مذهب المالكية، ومنهم من قال: يصلي ويعيد، وهو مذهب الحنفية والشافعية، ومنهم من قال: يصلي ولا يعيد، وهو مذهب الحنابلة.
ونص الشافعية والحنابلة على أنه لا يصلي النوافل.
قال في "مغني المحتاج" (1/274): " وهؤلاء الثلاثة: وهم من لم يجد ماء ولا ترابا، ومن على بدنه نجاسة يخاف من غسلها، ومن حبس عليها: يصلون الفريضة فقط لأجل حرمة الوقت، ولا يصلون النافلة؛ إذ لا ضرورة إليها" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (1/71): " (ومن عدم الماء والتراب، أو لم يمكنه استعمالهما) أي: الماء والتراب (لمانع) ، (كمن به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بوضوء ولا تيمم: صلى) الفرض فقط ، (على حسب حاله ، وجوبا) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، ولأن العجز عن الشرط لا يوجب ترك المشروط، كما لو عجز عن السترة والاستقبال.
(ولا إعادة) ؛ لما روي عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة ، فضلتها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها، فوجدوها، فأدركتهم الصلاة، وليس معهم ماء، فصلَّوا بغير وضوء، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم متفق عليه، ولم يأمرهما بالإعادة، ولأنه أحد شروط الصلاة، فسقط عند العجز كسائر شروطها.
(ولا يزيد هنا على ما يجزئ في الصلاة، من قراءة وغيرها)؛ فلا يقرأ زائدا على الفاتحة، ولا يسبح أكثر من مرة، ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع أو سجود أو جلوس بين السجدتين، وإذا فرغ من قراءة الفاتحة ركع في الحال، وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الأول نهض في الحال، وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الأخير سلم في الحال.
(ولا يتنفّل) من عدم الماء والتراب ونحوه؛ لأنه إنما أبيح له الفرض لداعي الضرورة إليه" انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (32/191).
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يصلي النوافل.
قال: " ومن عدم الماء والتراب : يتوجه أن يفعل ما يشاء من صلاة فرض، أو نفل، وزيادة قراءة على ما يجزئ" انتهى من "الفتاوى الكبرى"(5/310).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في فتاويه (2/87): " قوله: (اذا عدم الماء والتراب صلى الفرض فقط)؛ لأَنه محدث، ولا يصلي نوافل، هذا مرادهم.
والظاهر أَن هذا مرجوح، اختيار الشيخ خلاف هذا" انتهى.
فعلى اختيار الشيخ لك أن تصلي قيام الليل على حسب حالك، إذ لم تجد من يوضئك أو ييممك.
والله أعلم.