أنا فتاة مخطوبة، وقد تم عقد القران، وبقي العرس فقط، تزوجت أمي بالجزائر بعقد قران وعقد مدني، وسافرت إلى الخارج، وتوفي أبي، ولم يسجلنا باسمه أنا وأختي، وأمي كانت بالخارج، وليس لها أحد هناك، ولا تستطيع تسفيرنا، يمكن لأنه ليس لدينا وثائق، فتزوجت وزوجها سجلنا باسمه؛ لأنه لا يوجد خيار آخر، لكي نستطيع أن ندرس، ونعود إلى و طننا، عند رجوعنا أرادت أمي أن ترجع لنا هويتنا، لكن لم تستطع، ومن المستحيل إرجاعها، والآن أنا كبرت، وتولى عقد قرآني خالي؛ لأنه ليس لدي أخ، وأعمامي الحقيقيون بعيدون عنا، وفي عقد القران قال خالي: زوجتك ابنة أختي، مع العلم أختي الكبرى أيضا زوجها خالي، أي كان وكيلها، فهل زواجنا شرعي أم باطل؟ وإذا كان باطلا ـ لا سمح الله ـ ماذا يجب علينا أن نفعل، ملاحظة قانون الجزائر يقبل أن يكون الخال هو الوكيل؟
الحمد لله.
أولا:
لا يحل لأحد أن ينتسب لغير أبيه، لقوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/ 5.
وروى البخاري (3508)، ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ).
قال ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والادعاء إلى غيره ، وقيد في الحديث بالعلم؛ ولا بد منه في الحالتين، إثباتا ونفيا، لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له" انتهى من "فتح الباري" (6/541).
وعليه؛ فلا إثم عليك فيما جرى، لكن يجب عليك السعي في تصحيح الخطأ، وتسجيل نسبك الحقيقي في الأوراق الرسمية.
فإن تعذر تغيير الاسم في الأوراق الرسمية، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأقل ما يجب أن تطبقي ذلك في حياتك العادية، بأن تشيعي بين أقاربك، وزوجك، والمحيطين بك: حقيقة نسبك، وانتفاء النسب بينك وبين زوج أمك، منعاً لاختلاط النسب، واختلاط الأحكام، من التوارث، فيما يخصك، ويخص أبناءك من بعدك.
ثانيا:
يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2709).
وولي المرأة هو : أبوها ، ثم أبوه ، ثم ابنها ثم ابنه (هذا إن كان لها ابن) ، ثم أخوها لأبيها وأمها ، ثم أخوها لأبيها فقط ، ثم أبناؤهما ، ثم العمومة ، ثم أبناؤهم ، ثم عمومة الأب، ثم السلطان. وينظر: "المغني" (9/355) .
والخال ليس من العصبة ، فلا يكون وليا في النكاح ، ولا يصح تزويجه المرأة إلا أن يوكله الولي.
وعليه؛ فالأولى إعادة عقد النكاح، فيعقده لك عمك، أو يوكل خالك أو غيره ليعقد لك.
والحصول على توكيل الولي ليس بالأمر الصعب ، لاسيما في هذا العصر الذي تيسرت فيه سبل الاتصالات ، فيتصل خالك بعمك ، ويأخذ منه موافقة على أنه سيتولى هذا العقد نيابة عنه.
هذا هو الذي ينبغي؛ احتياطا.
فإن تعذر ذلك، أو لم يحصل لسبب ما ؛ فنرجو ألا يكون عليك حرج ، والنكاح صحيح ، نظرا لتصحيح بعض الأئمة نكاح المرأة بلا ولي ، وكثير من البلاد الإسلامية تأخذ بهذا القول ، وبلدك منهم. لكن ما سبق أن ذكرناه هو الأولى والأحوط .
وينظر: جواب السؤال رقم: (152595 ).
وننبه على أن الولي لا يكون وكيلا عن المرأة؛ لأن الوكالة تعني أن للمرأة أن تعقد لنفسها، وهذا لا يصح على مذهب الجمهور، وإذا كانت لا تعقد لنفسها، فإنه ليس لها أن توكل غيرها في العقد.
والله أعلم.