الحمد لله.
إذا أذن المؤذن وشخص يتكلم في أمر؛ فإن ذلك لا يدل على صدق كلامه ، ولا يشهد له بشيء ، بل لا علاقة للأذان بصدق أحد من كذبه ، ولم يرد ما يدل على ذلك ؛ لا في حديث صحيح ولا ضعيف.
فلا يجوز لأحد أن يدعي أن موافقة الأذان لكلامه دليل على صدقه ، ومن ادعى ذلك فعليه أن يأتي بدليل شرعي .
ومثل ذلك ما انتشر بين العامة أنه إذا عطس أحد وهو يتكلم فإن ذلك دليلٌ على صدق كلامه ، مستدلين بما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ : رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ ) ، وهو حديث باطل .
قال ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/77) : "هَذَا حَدِيث بَاطِل تفرد بِهِ مُعَاوِيَة بْن يَحْيَى. قَالَ يَحْيَى بْن معِين: هُوَ هَالك لَيْسَ بشيء، وَقَالَ الْبَغَوِي: ذَاهِب الْحَدِيث " انتهى.
وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص/224) : " رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. قِيلَ: هو باطل، تفرد به معاوية بن يحيى، وليس بشيء" انتهى.
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1/261): " باطل " انتهى.
والسنة لمن سمع الأذان أن يسكت – إذا كان كلامه يمنعه من متابعة المؤذن- ويقول مثلما يقول المؤذن ؛ لما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ) رواه مسلم (577).
بل لو كان يقرأ القرآن ؛ فإن الأفضل أن يقطع القراءة ويتابع المؤذن .
قال الإمام النووي رحمه الله: " ولو سمع المؤذن: قطع القراءة، وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة، ثم يعود إلى قراءته ، وهذا متفق عليه عند أصحابنا " انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" (126).
والله أعلم.