خاطب أعطى أهل خطيبته مبلغا من المال؛ لكي تشتري جرامات من الذهب متفق عليها عند حدوث الخطبة، ويكون هذا الذهب مهرا مُعجلا قبل عقد النكاح بسنتين، وليس هدية، ثم تم فسخ الخطبة بعد شهور، أو قبل أن تتم السنتان عمومًا، فهل يأخذ الخاطب مقدار المال الذي دفعه، أم يأخذ الذهب، علمًا بأن ثمن الذهب قد يكون زاد أو نقص خلال هذه الفترة ؟
الحمد لله.
أولا:
إذا وقع الاتفاق – كما ورد في السؤال- على أن هذا الذهب مهر معجل، وليس هدية، فإذا فسخت الخطبة فللخاطب الحق في استرداد المهر كاملا، لأن المرأة لا تستحق شيئا من المهر إلا بالعقد.
وينظر جواب السؤال رقم: (160721) .
ثانيا:
وأما سؤالك: هل يأخذ مقدار المال أم الذهب؟
فجوابه : أنه قد ورد في السؤال : "لكي تشتري به جرامات من الذهب متفق عليها" .
فهذا يدل على أن المهر كان ذهبا متفقا على مقداره، وأنه أعطاهم المال – من باب التوكيل لهم في شراء ما يعجبهم من الذهب – وهذا هو المعروف في بلد السائل، وهذه وكالة في الصرف (وهو شراء الذهب بالنقود) وهي جائزة بإجماع العلماء.
قال ابن المنذر رحمه الله :
" أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكالة في الصرف جائزة " انتهى من"الاشراف" (8/312).
وعلى هذا ؛ فإذا فُسخت الخطبة قبل شرائهم للذهب فقد فسخت الوكالة قبل التصرف ، فيكون له مقدار ما دفع من المال ، بقطع النظر عن سعر الذهب ، زاد أم نقص .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" الْوَكَالَة عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، فَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ مَتَى شَاءَ، وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إبْطَالُهُ ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي أَكْلِ طَعَامِهِ.
وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، أَيِّهِمَا كَانَ، وَجُنُونِهِ الْمُطْبِقِ.
وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا كُلِّهِ فِيمَا نَعْلَمُ" انتهى من "المغنى"(7/234) .
وإذا فسخت الوكالة بعد شرائهم الذهب، فحقه هو الذهب لا المال الذي دفعه، لأنهم اشتروا الذهب بصفتهم وكلاء له في الشراء، فكأنه هو المشتري .
والله أعلم.