توفي والدي منذ ٣ أسابيع، فهل يجوز لأمي البالغة من العمر٦٥عاما أن تقضي العدة في بيت أحد أبنائها، حيث إنها أصبحت بمفردها في البيت بعد وفاة الوالد، مع العلم إنها تستطيع خدمة نفسها بمجهود قليل، ولكن نخشى عليها أن تستوحش؟
الحمد لله.
يلزم المرأة أن تعتد في البيت الذي جاءها فيه نعي زوجها؛ لما روى أصحاب السنن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفريعة بنت مالك رضي الله عنها: امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ.رواه أبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (200)، وابن ماجه (2031)، والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه".
قال ابن قدامة رحمه الله: "وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها: عمر وعثمان رضي الله عنهما، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة، وبه يقول: مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ".
ثم قال: "فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك، أو حوّلها صاحب المنزل لكونه عارية رجع فيها، أو بإجارة انقضت مدتها، أو منعها السكنى تعدّيا، أو امتنع من إجارته، أو طلب به أكثر من أجرة المثل، أو لم تجد ما تكتري به، [أي لم تجد أجرة البيت] أو لم تجد إلا من مالها، فلها أن تنتقل؛ لأنها حال عذر، ولا يلزمها بذلُ أجر المسكن، وإنما الواجب عليها فعل السكنى، لا تحصيل المسكن، وإذا تعذرت السكنى، سقطت، ولها أن تسكن حيث شاءت." انتهى من "المغني"(11/292) ط التركي.
فإذا كان المكان آمنا، وتستطيع والدتك أن تخدم نفسها، فيجب أن تبقى في بيتها إلى نهاية العدة. وإذا خشيتم عليها أن تستوحش، فليجلس معها أحد أبنائها أو غيرهم. فإن لم يوجد من يجلس معها ليؤنسها، واستوحشت بالفعل، فحينئذ يجوز لها أن تتنقل للجلوس مع أحد أبنائها .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "وإنما المطلوب منها خمسة أمور:
الأمر الأول: أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه؛ إذا كان صالحاً للبقاء فيه تبقى فيه حتى تكمل العدة، أما إن كان خارباً، أو أهله طلبوه لأنه مستأجر؛ طلبه أهله، تمت المدة، أو ما عندها أحد يؤنسها، تستوحش: فلا بأس أن تنتقل إذا لم يتيسر لها من يؤنسها..." انتهى من فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز.
ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 6240، 45519، 148223، 98193 .
والله أعلم.