الحمد لله.
وقال ابن القيم
رحمه الله : " إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا لأجل كلامك لزيد ، وخروجك
من بيتي ، فبان أنها لم تكلمه ، ولم تخرج من بيته ، لم تطلق ... والمقصود أنه إذا
علَّل الطلاق بعلَّةٍ ثم تبين انتفاؤها ، فمذهب أحمد أنه لا يقع بها الطلاق ، وعند
شيخنا لا يشترط ذكر التعليل بلفظه .
ولا فرق عنده بين أن يطلقها لعلَّةٍ مذكورة في اللفظ أو غير مذكورة ، فإذا تبين
انتفاؤها لم يقع الطلاق .
وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره ، ولا تقتضى قواعد الأئمة غيره .
فإذا قيل له : امرأتك قد شربت مع فلان أو باتت عنده ، فقال : اشهدوا عليَّ أنها
طالق ثلاثاً ، ثم علم أنها كانت تلك الليلة في بيتها قائمة تصلي ، فإن هذا الطلاق
لا يقع به قطعاً ، وليس بين هذا وبين قوله : إن كان الأمر كذلك فهي طالق ثلاثا فرق
ألبته ، لا عند الحالف ، ولا في العرف ، ولا في الشرع .
فإيقاع الطلاق بهذا وهمٌ محض ، إذ يقطع بأنه لم يرد طلاق من ليست كذلك ، وإنما أراد
طلاق من فعلت ذلك " .انتهى من " إعلام الموقعين" (4/90).
وقال الشيخ محمد إبراهيم رحمه الله :
" فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن طلاقك لزوجتك ، وتذكر أنك سمعت عنها نبأ
فغضبت وطلقتها بالثلاث ، وبعد ذلك أصبح النبأ كاذباً ، وثبت أنه عارٍ عن الحقيقة .
وتسأل هل يقع الطلاق المذكور ، أم لا ؟ لأنها أصبحت بريئة عما أذيع عنها ؟
والجواب : الحمد لله . إذا كان الحال كما ذكر وأنك لم تطلقها إلا بناء على هذا
النبأ المكذوب ، فالصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق لا يقع لاعتبار القصود في
العقود ، وعلى هذا فالطلاق لاغٍ ، والمرأة حلال لك بالعقد الأول ، فلا يحتاج إلى
مراجعة ولا عقد جديد " انتهى من"فتاوى محمد بن إبراهيم" (11/السؤال رقم 3159) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/245) :
" من بنى قوله على سبب تبين أنه لم يوجد فلا حكم لقوله ، وهذه قاعدة لها فروع كثيرة
، من أهمها :
ما يقع لبعض الناس في الطلاق ، يقول لزوجته مثلاً : إن دخلت دار فلان فأنت طالق ،
بناءً على أنه عنده آلات محرمة مثل المعازف أو غيرها ، ثم يتبين أنه ليس عنده شيء
من ذلك ، فهل إذا دخلت تطلق أو لا ؟
الجواب : لا تطلق ، لأنه مبني على سبب تبين عدمه ، وهذا هو القياس شرعاً وواقعاً "
انتهى .
والله أعلم