ما صحة هذا الحديث الذي يُنسب للنبي؟
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا عملت أمتي خمسًا فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القينات، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.
الحمد لله.
هذا الخبر أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1 / 297)، وفي "المعجم الأوسط" (2 / 17 - 18): قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِقَالٍ الْحَرَّانِيُّ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، حدثنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا صَنَعَتْ أُمَّتِي خَمْسًا فَعَلَيْهِمُ الدَّمَارُ، إِذَا ظَهْرَ فِيهِمُ التَّلَاعُنُ ، وَشُرْبُ الْخُمُورِ وَلَبِسُوا الْحَرِيرَ، وَاتَّخَذُوا الْقَيْنَاتِ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ .
ولفظه في "الأوسط": إِذَا اسْتَحَلَّتْ أُمَّتِي سِتًّا فَعَلَيْهِمُ الدَّمَارُ: إِذَا ظَهَرَ فِيهِمُ التَّلَاعُنُ، وَشَرِبُوا الْخُمُورَ، وَلَبِسُوا الْحَرِيرَ، وَاتَّخَذُوا الْقِيَانَ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ .
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 329)، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمل، حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، بنفس الإسناد السابق.
وقال الطبراني في "الأوسط": " لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ إِلَّا عَبَّادٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: النُّفَيْلِيُّ " انتهى.
وهذا الإسناد ضعيف؛ لضعف عباد بن كثير، فقد ضعفه جمع من أهل العلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" عباد بن كثير الرملي الفلسطيني…
قال ابن معين: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس. وقال أبو بكر بن أبي شيبة، عن زياد بن الربيع، حدثنا عباد بن كثير الشامي وكان ثقة.
وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: ظننت أنه أحسن حالا من عباد بن كثير البصري فإذا هو قريب منه ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال علي بن الجنيد: متروك. وقال ابن عدي: هو خير من عبَّاد بن كثير البصري وله أحاديث غير محفوظة. قلت: وقال ابن حبان كان يحيى بن معين يوثقه وهو عندي لا شيء في الحديث" انتهى. "تهذيب التهذيب" (2/281).
وقد قوّاه البيهقي بإسناد آخر، ذكره قبل ذكر إسناد الطبراني هذا، فقال رحمه الله تعالى:
" إسناده وإسناد ما قبله غير قوي، غير أنه إذا ضم بعضه إلى بعض أخذ قوة، والله أعلم " انتهى. "شعب الإيمان" (7 / 329).
والإسناد الآخر ساقه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 328)، فقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ببغداد، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا عمرو بن الحصين العقيلي، حدثنا الفضل بن عميرة، حدثنا ثابت، عن أنس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا استعملت أمتي خمسا فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن، ولبس الحرير، واتخذوا القينات، وشربوا الخمور، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء).
وقال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو علي حامد بن محمد الهروي بانتخاب أبي علي الحافظ عليه، حدثنا أحمد بن نصر البوزجاني الشهيد، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا الفضل بن عميرة، عن ثابت … فذكره بإسناده مثله غير أنه قال: ( فعليهم الدبار ).
لكن مدار هاذين الإسنادين على الفضل بن عميرة، وقد ضُعّف، ولم نقف على من نص على توثيقه.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" الفضل بن عميرة القيسي عن ميمون بن سياه، منكر الحديث " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 512).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" الفضل" بن عميرة القيسي الطفاوي أبو قتيبة البصري روى عن ثابت البناني وميمون الكردي…
ذكره ابن حبان في "الثقات". قلت: ذكره الساجي في "الضعفاء"، وقال: في حديثه ضعف، وعنده مناكير. وقال العقيلي: لا يتابع عليه " انتهى. "تهذيب التهذيب" (3/393).
والراوي عنه في الإسناد الأول: عمرو بن الحصين العقيلي، وهو متروك.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
"عَمْرو بن الْحصين الْعقيلِيّ... ضَعَّفُوهُ جدا " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 482).
والراوي عنه في الإسناد الثاني: عمر بن حفص بن غياث، وعنه أحمد بن نصر البوزجاني الشهيد، وأحمد بن نصر هذا لم نقف على من وثقه.
فالحاصل؛ أن هذا الخبر ليس بصحيح الإسناد.
والله أعلم.