أختي الكبيرة تزوجت بعمر 16 سنة ثم تطلقت بعمر 17 وتزوجت مرة أخرى بدون إمساك عدة؛ لاننا والله ما كنا نعرف إن المطلقة واجب عليها إمساك عدة. والان هي عمرها 30 سنة وعندها بنات لكن عندما علمت أن واجب المرأة إمساك عدة ماهي كفارتها؟ وماذا تفعل؟ قسماً بالله لم نكن نعلم أن هناك شيئا اسمه عدة
الحمد لله.
أولا :
عدة المرأة إذا طلّقت قبل الدخول
إذا كان زوجها الأول طلقها قبل أن يدخل بها ، فليس عليها عدة ، ونكاحها الثاني صحيح ، لقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا الأحزاب/49.
ثانيا :
عدة المرأة إذا طلقت بعد الدخول
أما أذا كان الطلاق وقع بعد دخول زوجها الأول بها ، فكان الواجب عليها أن تعتد بثلاث حيضات ، ثم تتزوج إن شاءت ، قال الله تعالى : وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة/228.
وقد اختلف العلماء في القروء ، هل هي الأطهار أم الحيضات ؟ والراجح أنها الحيضات . وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد .
ينظر : المغني (11/199) .
فإن تنزوجت قبل انقضاء العدة –كما في السؤال – فالنكاح الثاني باطل بإجماع العلماء ، وعليها أن تفارق الثاني فورا ، لأنه ليس زوجا لها ، وتكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من الثاني، ثم تتزوج بمن شاءت .
قال ابن قدامة رحمه الله : "المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها ، إجماعاً ، أيّ عدةٍ كانت ; لقول الله تعالى : (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) .. وإن تزوجت ، فالنكاح باطل " انتهى من "المغني" (11/237) .
وقال أيضا : "إذا ثبت هذا، فعليه فراقها، فإن لم يفعل، وجب التفريق بينهما، فإن فارقها أو فرق بينهما، وجب عليها أن تكمل عدة الأول; لأن حقه أسبق, وعدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح.
فإذا أكملت عدة الأول، وجب عليها أن تعتد من الثاني.
ولا تتداخل العدتان؛ لأنهما من رجلين. وهذا مذهب الشافعي... " .
ثم ذكر هذا القول عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ثم قال :
" وهذان قولا سيدين من الخلفاء لم يعرف لهما في الصحابة مخالف, ولأنهما حقان مقصودان لآدميين , فلم يتداخلا" انتهى من "المغني" (11/239) .
وإن كان الزوج الثاني هو الذي سيزوجها فقد اختلف العلماء : هل يلزمها أن تعتد منه بعد إكمالها عدة الأول أم لا ؟
والصحيح أنه لا يلزمها ذلك، فتكمل عدة الأول، ثم تتزوج الثاني.
قال ابن قدامة رحمه الله : "قال الشافعي في الجديد : له نكاحها بعد قضاء عدة الأول, ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه ؛ [يعني : من الثاني] ؛ لأن العدة إنما شرعت حفظاً للنسب, وصيانة للماء, والنسب لاحق به هاهنا, فأشبه ما لو خالعها ثم نكحها في عدتها, وهذا حسن موافق للنظر..." انتهى من "المغني" (8/100) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"ومن حيث القواعد : الراجح : أنها تحل له بعقد بعد انقضاء عدة الأول، لا سيما إذا تاب إلى الله عز وجل وأناب؛ لأن العدة له" انتهى من "الشرح الممتع" (13/383) .
ويجب أن يكون ذلك بحضور وليها ، وشاهدين ، وبمهر جديد .
وخلاصة الجواب :
أنها تفارق الثاني فورا ، وتعتد للأول ، ثم إذا انتهت العدة تزوجت الثاني إن شاءت ، ويجب أن يكون ذلك بحضور وليها وشاهدين وبمهر جديد .
وإذا كانت قد فعلت ذلك هي وأهلها من غير علم بوجوب العدة، فلا شيء عليها سوى ما ذكرنا من العدة التي تلزمها، وتستغفرون الله لتفريطكم في سؤال أهل العلم قبل أن تقدموا على فعل شيء من العقود الشرعية، ثم لا يلزمها شيء من كفارات ولا غيره.
والله أعلم.