الحمد لله.
أولا:
المشروع في صلاة الجنازة: أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، بالصيغة التي تقال في التشهد الأخير، ولعل هذا مراد السائل بالتشهد.
وهذه الصلاة ركن من أركان صلاة الجنازة لا تصح بدونها، لغير مسبوق.
قال في "دليل الطالب" ص69: " وأركانها سبعة: القيام في فرضها، والتكبيرات الأربع، وقراءة الفاتحة، والصلاة على محمد، والدعاء للميت، والسلام، والترتيب. لكن لا يتعين كون الدعاء في الثالثة؛ بل يجوز بعد الرابعة" انتهى.
وأما المسبوق فيستحب له أن يقضي ما فاته من الصلاة والتكبيرات، فإن لم يفعل صحت صلاته.
قال في "شرح المنتهى" (1/364): " (وإن سلم) مسبوق عقب إمامه (ولم يقض) شيئا (صحت) صلاته، لخبر عائشة رضي الله عنها. لكن يستحب القضاء.
(ويجوز دخوله) أي المسبوق (بعد) التكبيرة (الرابعة، ويقضي الثلاث) تكبيرات استحبابا، لينال أجرها" انتهى.
وخبر عائشة هو قولها: يا رسول الله إني أصلي على الجنازة ويخفى علي بعض التكبير؟
قال: (ما سمعت فكبري، وما فاتك فلا قضاء عليك) ولم نقف على من رواه. وينظر: "الشرح الكبير" (6/175)، وقال ابن الجوزي عنه: " .. روى أصحابنا عن عائشة ". انتهى، من "التحقيق" (2/15)، وذكره الحافظ ابن عبد الهادي في رسالته "الأحاديث الضعيفة التي يتداولها الفقهاء وغيرهم" – ضمن رسائله – (98).
ثانيا:
إذا سها المأموم فأتى بعد التكبيرة الثانية بالدعاء، بدلا عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تذكر فإنه يأتي بالصلاة، ثم يتابع ويلحق الإمام ويكبر الثالثة. ولا يحتاج إلى أن يأتي بتكبيرة زائدة، ولا أن يعيد التكبيرة الثانية.
فإن فعل ذلك جهلا فلا شيء عليه.
وهذا ما يعلم من كلام الفقهاء في سهو المأموم خلف الإمام في الصلاة عن أمر متعين، كالفاتحة عند من يقول بتعينها على المأموم، فلا يضره التأخر عن إمامه ليأتي بما عليه ثم يلحقه.
وينظر: "المجموع" (4/565).
ويعلم من كلامهم فيمن تابع إمامه في الخامسة جهلا، فلا تبطل صلاته بزيادته ركنا أو أركانا.
قال ابن قدامة في "المغني" (2/17): " الحال الثاني: إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك، فإن صلاتهم صحيحة؛ لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين، وفي الخامسة في حديث ابن مسعود، فلم تبطل صلاتهم" انتهى.
والله أعلم.