الحمد لله.
أولا :
ينبغي للزوج أن يأذن لزوجته في زيارة أهلها، ما لم يخش من ذلك مفسدة، لأن ذلك من حسن العشرة، وفيه إعانة لها على بر والديها وصلة رحمها.
ثانيا:
إذا منع الرجل زوجته من زيارة أهلها فإن الواجب عليها أن تطيعه، لأن حق زوجها عليه آكد وأعظم من حق والديها، ولا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه.
ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في زيارة الأبوين: ما جاء في الصحيحين في قصة الإفك، وقول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتأذن لي أن آتي أبوي) البخاري (4141)، ومسلم (2770).
قال العراقي في "طرح التثريب" (8/58) : "وقولها : (أتأذن لي أن آتي أبوي) فيه: أن الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها" انتهى .
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء": " ما حكم خروج المرأة من بيت زوجها من غير إذنه، والمكث في بيت أبيها من غير إذن زوجها، وإيثار طاعة والدها على طاعة زوجها؟
فأجابت: لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه، لا لوالديها ولا لغيرهم؛ لأن ذلك من حقوقه عليها، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/165).
ويتأكد على الزوجة طاعة زوجها في ذلك إذا ذكر لها سبب منعه لها.
والسبب الذي ذكره الزوج ، وهو خشية إصابتها بـ "كورونا" سبب مقبول، فلا يلام الزوج إذا أخذ الحيطة والحذر من إصابة زوجته بهذا المرض، أو غيره.
ويتأكد اعتبار ذلك، إذا كانت الزيارة تقتضي سفرا طويلا، له كلفة ومشقة، كما فهمنا من السؤال.
وإذا اختلف الزوجان في مدى صحة سبب المنع، فالمرجع في ذلك إلى رأي الزوج، لأنه هو القيم على الأسرة، والمسئول عنها أمام الله، هل كان ناصحا لها أم لا ؟
قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) البخاري (844)، ومسلم (3408) .
ثانيا:
لا ينبغي للزوجة أن تلح على زوجها في الإذن لها بزيارة أهلها حتى يوافق حياء، فإنه بذلك لا يكون راضيا لخروجها، وهي إن علمت أنه وافق حياء كانت عاصية بخروجها، لأنها في هذه الحالة تكون خرجت بدون إذنه المعتبر شرعا، الذي يدل على رضاه.
ثالثا:
وإذا علمت الزوجة أن إدخال أحد من أهل الزوج لحل هذا الخلاف سيضايق زوجها، فإن الأفضل لها أن تصبر ولا تفعل ذلك، حتى لا تكون تسببت في نقص المودة والرحمة والألفة التي جعلها الله تعالى بين الزوجين.
رابعا:
مثل هذه الخلافات الأسرية تحل بين الزوجين بنوع من التفاهم الهادئ، بعيدا عن تمسك كل طرف برأيه، وإذا رأت الزوجة أن زوجها مُصِرٌّ على رأيه، وأنه لا حيلة لإثنائه عنه؛ فإنها تصبر حتى يرضى، ولا داعي لأن تكون سببا لتعكير صفو الأسرة، فإنها لن تستفيد من ذلك شيئا إلا خسارة زوجها.
وقد يسر الله تعالى طرق التواصل بين الناس الآن، فيمكنها أن تتواصل مع والديها وأهلها عبر هذه الوسائل، حتى ييسر الله لها لقاءهم وزيارتهم.
والله أعلم.