إذا كان المسلم لا يمكنه أن يصلي قيام الليل إلا مرة واحدة في الأسبوع ، فما هي أفضل ليلة لذلك ؟ وإذا كان لا يمكنه أن يقوم الليل إلا مرة في الشهر فمتى تكون أفضل ليلة ؟.
الحمد لله.
ليس هناك ليلة معينة رغَّب الشرع بتخصيصها من بين الليالي لا في الأسبوع ولا في الشهر ، بل يصلي متى تيسر له ذلك ، ومتى رأى من نفسه نشاطاً ، وإن استطاع تكرار الليالي في الأسبوع والشهر فهو خير له من جعلها ليلة واحدة .
وينبغي له اجتناب تخصيص ليلة الجمعة بقيامها ؛ لورود النهي الصريح في ذلك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) رواه مسلم ( 1144 ) .
قال النووي :
وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي , ويومها بصوم ، وهذا متفق على كراهيته .
" شرح مسلم " ( 8 / 20 ) .
ولكن إن قام ليلة الجمعة لا على وجه التخصيص لكونها يوم الجمعة ، بل لكونها يوم فراغه من العمل ، فهذا لا بأس به ، كما أن من صام يوم الجمعة لكونه يوم فراغه من العمل لا بأس به .
قال الشيخ ابن باز :
" إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك ، لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم جمعة ، وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده ، وذلك لأنه يوم فراغه ، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فإنه لا حرج عليه أن يفرده لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء ، لا لأنه يوم الجمعة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ ، ولا لَيْلَتها بِقِيَامٍ ) . فنص على التخصيص ، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها " انتهى من مجموع فتاوى ابن باز (15/414) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/291) :
" يكره إفراد الجمعة – يعني بالصيام - والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده ) وقال : ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام ) وقال لإحدى أمهات المؤمنين وقد وجدها صائمة يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري ) فإن صامها مع غيرها فلا يكره ، فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس ، أو الجمعة والسبت فلا بأس .
وإن صامها وحدها لا للتخصيص ، لكن لأنه وقت فراغه ، كرجل عامل يعمل كل أيام الأسبوع ، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة ، فهل يكره ؟
الجواب : عندي فيه تردد ، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم : ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ) قلنا : لا بأس ؛ لأن هذا لم يخصه ، وإن نظرنا إلى حديث : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري ) فإن هذا قد يؤخذ منه أنه يكره إفرادها ، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع ، وقد لا يؤخذ منه ، فيقال : إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( أصمت أمس ؟ أو أتصومين غداً ؟ ) يدل على أنها قادرة على الصوم .
فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة ، ولكن لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ ، فالظاهر إن شاء الله أنه لا يكره ، وأنه لا بأس بذلك " انتهى .