حلفت إن فعلت معصية أن تغتسل وتصلي وإن لم تفعل تكون كافرة!

23-04-2024

السؤال 397034

حلفت يمينا على المعصية التي أدمنت عليها وأنا أحاول جاهدة أن أتخلص منها. لقد ذكرت في حلفي أني إذا فعلت هذه المعصية ، يجب أن أغتسل كل يوم وأصلي ثمانية ركعات نافلة كفّارة على مدى أسبوع ، وإن كررت المعصية أضيف أسبوعا آخر وهكذا. لقد علقت في هذه الحلقة وأواصل فعل المعصية والآن أنا مدينة بالصلاة لأكثر من ستّة أشهر. أصبح هذا عبئًا للغاية بالنسبة لي كي أقوم به وأنا الآن أكافح عقليًا وخارجيًا للتعامل مع إدماني. لقد ذكرت في حلفي أني إذا فعلت هذه المعصية ولم أفعل كفارة الغُسل و صلاة ثماني ركعات ولو ليوم واحد سأكون قد ارتكبت الكُفر. أهدرت كميات كبيرة من الماء و الوقت لأداء هذا كل يوم ، و عائلتي قد سئمت. هل هناك أي طريقة لأتحرّر من هذه الحلقة و وأكفر اليمين؟ هل هذا اليمين صحيح (ينعقد) أصلا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من حلف على أنه إن فعل معصية أن يغتسل كل يوم ويصلي ثمانية ركعات نافلة مدى أسبوع، وأنه إن كرر المعصية أضاف أسبوعا آخر، فإنه إن وقع في المعصية ولم يغتسل ولم يصل فقد حنث في يمينه، ويلزمه كفارة يمين. وبهذا تنحل يمينه.

وكفارة اليمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام؛ لقول الله سبحانه: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) الآية من سورة المائدة/89

ويجزئ إعطاء كل مسكين وجبة طعام، أو كيلو ونصف من الأرز.

ثانيا:

من حلف أنه إذا فعل المعصية ولم يأت بالغُسل وصلاة ثماني ركعات ولو ليوم واحد، أنه يكون كافرا، فقد أثم بهذا الحلف المحرم، ولا يكفر بذلك؛ لأنه كاره للكفر، ويريد أن يمنع نفسه من شيء، فيشدد عليها بذكر أمر يكرهه وينفر منه، وهو الكفر.

ولكن إن حنث: لزمه كفارة يمين.

قال الترمذي رحمه الله في سننه (4/ 115): " وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلَامِ، فَقَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِلَى هَذَا القَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ.

وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ: عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الكَفَّارَةُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ" انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ: إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَلَا يَكْفُرُ، بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتُمُونِي الدَّرَاهِمَ كَفَرْت؛ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ بَلْ يُنَجَّزُ كُفْرُهُ [أي يكفر في الحال بمجرد هذا الكلام]؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ حُصُولَ الْكُفْرِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ" انتهى من " مجموع الفتاوى " (33/ 199).

والحاصل:

أنه يلزمك كفارتان، كفارة للحلف بالله، وكفارة للحلف على الكفر، وبهذا تخرجين من هذه الورطة التي أوقعت نفسك فيها، ثم تجتهدين في ترك المعصية وعلاج إدمانها، ونسأل الله أن يتقبل منك ويعينك.

والله أعلم.

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب