الحمد لله.
إذا وافقت أخاك على أن الخبيرة أخطأت، واقتنعت بذلك: فإنكم تعيدون قسمة الميراث بما يحصل به العدل، وتتراضون به فيما بينكم .
أما إذا لم توافقيه على قوله ، فيبقى الأمر على ما حكم به القاضي ، ويكون لأخيك شقة طنطا ، ولك ولوالدتك شقة الإسكندرية ، وذلك لما يلي :
1-أن من القواعد المقررة عند أهل العلم : "أن حكم الحاكم يقطع النزاع" ؛ بمعنى أنه يُنهي الخصومة ، ويُلزم الخصمين بالحكم الذي حكم به ، حتى ولو كان أحد الخصمين لا يزال يرى أنه هو المحق .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"حكم الحاكم يرفع الخلاف، ويقطع النزاع" انتهى من الشرح الممتع" (12/318) .
2-أن تثمين العقارات هو من الأمور الاجتهادية التي قد يكون فيها بعض التفاوت ، والقاضي إذا حكم في أمر من الأمور الاجتهادية ، فإنه ينفذ حكمه ولا ينقض .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (41/156) :
"مَا لاَ يُنْقَضُ مِنَ الأْحْكَامِ :
لاَ يُنْقَضُ مِنَ الأْحْكَامِ كُل حُكْمٍ وَافَقَ نَصًّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الاِجْتِهَادُ ، فَإِذَا أَصَابَ الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ ؛ فَالأْصْل أَنَّهُ لاَ يُنْقَضُ ، كَمَا إِذَا حَكَمَ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الاِجْتِهَادُ كَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا ، وَحُكْمُ غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ بِهِ نَافِذًا ، لاَ يُتَعَقَّبُ بِفَسْخٍ وَلاَ نَقْضٍ ، لأِنَّ هَذَا الْقَضَاءَ حَصَل فِي مَوْضِعِ الاِجْتِهَادِ فَنَفَذَ ، وَلَزِمَ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَجُوزُ إِبْطَالُهُ" انتهى .
3-ليس من حق الخصم أن يظهر الرضا بما حكم به القاضي ، ثم يعود وينازع مرة أخرى، فإنه بذلك تزول فائدة القضاء ، ولا تنتهي خصومة .
قال الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/14) :
"الضَّرُورَةَ تُوجِبُ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْقَضَاءِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ نَقْضُهُ ، يَرْفَعُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَ رَأْيِ الْأَوَّلِ فَيَنْقُضُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ الْمُدَّعِي إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَ رَأْيِ الْقَاضِي الثَّانِي ، فَيَنْقُضُ نَقْضَهُ، وَيَقْضِي كَمَا قَضَى الْأَوَّلُ ، فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا تَنْدَفِعَ الْخُصُومَةُ وَالْمُنَازَعَةُ أَبَدًا، وَالْمُنَازَعَةُ سَبَبُ الْفَسَادِ، وَمَا أَدَّى إلَى الْفَسَادِ فَسَادٌ" انتهى .
وبهذا يتبين أنه لا يلزمك إعادة تقسيم الميراث مرة أخرى – إن كنت لا توافقينه على أن الخبيرة أخطأت- ، وأن الأمر يبقى على ما حكم به القاضي .
ولا نرى معنى أن يقبل الأخ بذلك الحكم، وينفذه لاستعجال ما يطلبه من المال ، ثم يأتي بعد انقضاء حاجته ، وانتفاعه بما أخذ من المال، ليقول: إنه من أول الأمر لم يكن موافقا على القسمة، وإنه كان ينوي الرجوع!!
على أننا – وبكل حال - نوصيكم بمراعاة ما بينكم من الرحم والصلة ، وألا تكون الدنيا الزائلة سببا للنزاع بينكم وقطيعة الرحم.
والله أعلم.