الحمد لله.
الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا حديث بينهما إلا ما كان لحاجة، كالاتفاق على موعد العقد ونحو ذلك، والأولى أن يكون ذلك بين ولي المرأة والخاطب، وبهذا تتحقق المصلحة وتنتفي الحاجة إلى الكلام.
والكلام بلا حاجة كالاتصال لمعرفة الأحوال والصحة والأخبار ونحو ذلك هو باب من أبواب الفتنة، وخطوة من خطوات الشيطان التي حذرنا الله منها بقوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/21
والغالب أن يصحب الكلام مزاح وضحك وخضوع بالقول، وشهوة، وتلذذ، وذلك محرم.
قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32.
فالاتصال مرات في الأسبوع ، وكون المكالمة تستغرق ساعة، هذا لا شك أنه منكر محرم.
ومن كان حريصا على هذه المكالمات فليبادر بالعقد ليحل له ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"إذا رضيها وتمت الخطبة فلا يكلمها ، انتهى الموضوع ، وبعض الخَطَّاب يكلم خطيبته بالتليفون فتجده يجلس معها ساعات كثيرة يحدثها ، وإذا قلت : هذا لا يجوز ، المرأة أجنبية منك كيف تحدثها ؟ قال : أنظر مدى ثقافتها ، كيف تنظر مدى ثقافتها ؟ ألستَ خطبتها ورضيت بها ، لا حاجة إلى الثقافة ، إذا كنت تريد؛ اعقد عليها وحدثها ما شئت ، أما أن تحدثها وهي أجنبية منك ولم يتم العقد؛ فهذا لا يجوز.
وقد ابتلي كثير من الناس بهذا ، فتجده يفتح الهاتف عليها ويحدثها ، ليلة كاملة تذهب والحديث مع الصديق يقتل الوقت قتلاً ، فنحذر من هذا" انتهى من "اللقاء الشهري" (28/12).
وقال رحمه الله:
"المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب لا فرق بينها وبين من لم تكن مخطوبة حتى يعقد عليها، وعلى هذا فلا يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة، أو أن يتصل بها، إلا بالقدر الذي أباحه الشرع، والذي أباحه الشرع هو أنه إذا عزم على خطبة امرأة فإنه ينظر إليها ، إلى وجهها كفيها قدميها رأسها ، ولكن بدون أن يتحدث معها ، اللهم إلا بقدر الضرورة، كما لو كان عند النظر إليها بحضور وليها، يتحدث معها مثلاً بقدر الضرورة، مثل أن يقول مثلاً هل تشترطين كذا أو تشترطين كذا وما أشبه ذلك، أما محادثتها في الهاتف حتى إن بعضهم ليحدثها الساعة والساعتين فإن هذا حرام ولا يحل، يقول بعض الخاطبين: إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها وأفهمها عن حالي، فيقال: ما دمت قد أقدمت على الخطبة فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها ، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف.
والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة لا تخلو من شهوةٍ أو تمتع بشهوة، يعني شهوة جنسية أو تمتع يعني تلذذ بمخاطبتها أو مكالمتها وهي لا تحل له الآن حتى يتمتع بمخاطبتها أو يتلذذ" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (19/2).
والله أعلم.