الحمد لله.
لم نقف على خبر بالمعنى الذي أشرت إليه، فقد بحثنا في كتاب "تاريخ المدينة" لابن شبة في الطبعات التي أمكننا الوصول إليها، فلم نقف عليه في الصفحة التي أشرت إليها، ولا في مظان وجوده.
فحبذا لو كتبت نص الخبر ليمكننا الرجوع إليه.
لكن مما ينبغي علمه: أن خلافة عثمان بعد وفاة عمر رضي الله عنهما، إنما كانت باتفاق الصحابة يومئذ.
عَنْ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ: " أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ، وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا، فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ المِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ الثلاث بِكَثيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا! فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا! فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ! فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسنّة رَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ" رواه البخاري (7207).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" فبايعه علي، وعبد الرحمن، وسائر المسلمين؛ بيعةَ رضىً واختيار، من غير رغبة أعطاهم إياها، ولا رهبة خوفهم بها.
وهذا إجماع منهم على تقديم عثمان على علي. فلهذا قال أيوب، وأحمد بن حنبل، والدارقطني: من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار.
فإنه وإن لم يكن عثمان أحق بالتقديم، وقد قدموه كانوا إما جاهلين بفضله وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني. ومن نسبهم إلى الجهل والظلم فقد أزرى بهم " انتهى. "مجموع الفتاوى" (4/ 427–428).
وقد سبقهم الوحي بإقرار استخلافهم لعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
كما في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا عُثْمَانُ إِنَّهُ لَعَلَّ اللَّهَ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ لَهُمْ).
رواه الإمام أحمد في "المسند" (41/113)، والترمذي (3705)، وقال " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ "، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (3/517)، وكذا محققو المسند.
والقميص هنا إشارة إلى الخلافة.
قال ابن الملك رحمه الله تعالى:
" أي: يُلبسك قميصا، أراد منه الخلافة هنا.
(فإن أرادوك على خَلعه فلا تخلَعْه لهم)؛ يعني: إن الله تعالى سيجعلك خليفة، فإن النّاس إنْ قصدوا عزلك عنها فلا تعزِل نفسك عنها لأجلهم، فلهذا كان عثمان ما عزل نفسه حين حاصروه يوم الدار" انتهى من"شرح مصابيح السنة" (6/433).
والله أعلم.