الحمد لله.
أولا:
تكبيرات الانتقال سنة عند الجمهور، واجبة عند الحنابلة.
وعليه؛ فلو نسي الإمام التكبير فلا شيء عليه عند الجمهور، وعليه سجود السهو عند الحنابلة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/298): " والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع ، وتسبيح الركوع والسجود ، وقول " سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد " ، وقول " رب اغفر لي " بين السجدتين ، والتشهد الأول – واجب ، وهو قول إسحاق وداود .
وعن أحمد أنه غير واجب ، وهو قول أكثر الفقهاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ المسيء في صلاته ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " انتهى.
فكان ينبغي للإمام ألا يعود للسجود، بل يمضي في صلاته ويسجد للسهو.
ثانيا:
أخطأ الإمام بسجدته سجدة ثالثة، ولو فعل ذلك عالما عامدا بطلت صلاته، ولكن لعله ظن حين سبح له المأمومون أنه نسي سجدة، أو رجع جهلا ليأتي بالتكبير.
وسواء كان هذا أو هذا فصلاته صحيحة، ويكفيه سجود السهو عن نسيانه التكبير وعن زيادته سجودا وتكبيرا، ولا وجه لإعادة ركعة؛ لأنه أتى بالركعة كاملة.
ثالثا:
صلاة المأمومين صحيحة، ولو تابعوا الإمام جهلا في السجدة الثالثة.
وأما من تابعة فيها عالما بعدم جواز المتابعة، عامدا؛ فتبطل صلاته.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/223) في الإمام إذا زاد ركعة، ونُبِّه، وأبى الرجوع:
" (بطلت صلاته)؛ لتعمده ترك ما وجب عليه، ( كـ ) صلاة ( متَّبِعه )؛ أي : مأموم تابعه في الزيادة (عالما) بزيادتها، (ذاكرا) لها ؛ لأنه إن قيل : ببطلان صلاة الإمام، لم يجز اتباعه فيها , وإن قيل بصحتها، فهو يعتقد خطأه , وأن ما قام إليه ليس من صلاته .
فإن تبعه جاهلا، أو ناسيا، أو فارقه: صحت له؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم تابعوا في الخامسة لتوهم النسخ، ولم يؤمروا بالإعادة، ويلزم من علم الحال مفارقته" انتهى.
وأما من أبى متابعته في السجدة الثالثة، فهذا قد أصاب وأحسن، وله حينئذ أن يفارق الإمام ويتم صلاته بنفسه، وله أن ينتظر الإمام ويكمل معه، على إحسان الظن به أنه فعل ذلك جهلا فلم تبطل صلاته.
والله أعلم.