الحمد لله.
أولا:
الأرض الميري أو الأميري ليست ملكا لمن تحت يده، وإنما هي ملك للدولة.
وإذا قسمتها الدولة وسوت بين الذكر والأنثى فلا حرج؛ لأنها هبة من الدولة، وليست ملكا للمتوفى حتى تورث عنه.
قال في "مجمع الأنهر" (1/664): "الأرض الأميرية، وهي الأرض التي فتحت عنوة أو صلحا، لكن لم تملك لأهلها، بل أحرزت لبيت المال، ثم أوجرت بإجارة فاسدة، بشرط أن يزرعوها ويؤدوا من حاصلها خراج مقاسمة، واشتهرت عند الناس بالعشرية كما هو حكم أراضي بلدنا؛ وليست ملكا لمن في أيديهم لا يقدرون على بيعها وشرائها وهبتها" انتهى.
وقال الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله :
" الأراضي الأميرية الزِّراعية التي لم يَصل إليها العُمران ، قد أَوْجَب فيها قانون انتقالات الأموال غير المنقولة، الصادر في العهد العثماني ، أن يُعطَى وليُّ الأمر فيها بمقتضى هذا القانون حقًّا في التصرف بها ( بدون مِلكية الرَّقبة )، ويَنتقل حق التصرف هذا، إذا تُوفِّيَ المتصرِّف ذو اليَدِ إلى الأولاد ، وأحد الزوجين ، بنسبة تختلف عن الإرْث ، فالأولاد يَتساوَى الذكور والإناث .
وقد خَرَّجت المشيخة الإسلامية هذا القانون تخريجًا شرعيًّا ، باعتبار أنَّ هذا الانتقال ليس إرْثًا ؛ ليكون مخالفًا للإرث الشرعي ، وإنما هو انتقال التصرف في أرض لا تزال رقبتها ملكًا للدولة ، ولم تَدخل في ملك الأفراد ، وطريقة انتقال هذا التصرف يَعود ترتيبها إلى وليّ الأمر ( الخليفة ). وقد رأى ولي الأمر بهذا القانون أنْ يَتساوى الأولاد ذكورًا وإناثًا ؛ لأنهم يعملون مع آبائهم وأمهاتهم في الأراضي الزراعية بصورة متساوية .
فرأي ولي الأمر في ذلك مقبولٌ شرعًا ، وهو مَبنيٌّ على المصلحة العامة التي يُعود إليه تقديرها وَفقًا للقاعدة الشرعية : إنَّ التصرُّف على الرَّعيَّة مَنُوطٌ بالمصلحة ، وليس تغييرًا لنظام الإرث في الأملاك الخاصة " .
انتهى من " فتاوى الزرقا " (ص/146، بترقيم الشاملة آليا) .
وينظر: جواب السؤال رقم:(218132).
ثانيا:
إذا سمحت الدولة ببيع الأرض الميري فلا حرج، فتباع ويقسم ثمنها على الورثة القسمة الشرعية، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا منعت الدولة من بيعها لم يجز بيعها.
ثالثا:
إذا منعت الدولة بيع الأرض الميري، وأمكنكم تحويلها إلى أرض ملك أو "شرعية" ولو بعد سنوات، فليس أمامكم إلا الانتظار، ويمكن الانتفاع بزراعة الأرض في هذه المدة.
رابعا:
إذا سمحت الدولة ببيع الأرض الميري، لم يلزم الورثة الانتظار إلى تحويلها إلى ملك، حتى لو كان ذلك يزيد من ثمنها؛ لما فيه من ضرر التأخير ولما يحتاجه ذلك الإجراء من نفقات، فإن أمكن إعطاء أخيكم نصيبه من الأرض ليقوم بتحويله إلى ملك، فذاك، وإلا فلا يلزمكم الانتظار، فتباع الأرض كما هي، ويقتسم ثمنها القسمة الشرعية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وما لا يمكن قسم عينه، إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه: بيع وقسم ثمنه، وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني، وذكره الأكثرون من الأصحاب" انتهى من الاختيارات الفقهية ضمن "الفتاوى الكبرى" (4/636).
والله أعلم.