كيفية التمييز بين الأسماء والكنى المتشابهة في سند الحديث؟

16-04-2023

السؤال 415743

إن كان عندنا رواة تتشابة أسمائهم، وكذا في الكنى بالأسانيد، فكيف أفرق بينهم؟

الجواب

الحمد لله.

قد يشتبه اسم الراوي واسم والده باسم راو آخر واسم والده، كما قد تتشابه الأسماء المهملة، كاسم سفيان: فهناك سفيان الثوري وسفيان ابن عيينة، وكحماد: هناك حماد بن زيد وحماد بن سلمة، وقد تتشابه الكنى، فلذا يتوجب على الباحث في صحة السند أن يتبين من الراوي المقصود، خاصة إذا كانت درجتهما في الثقة والضبط متباينة بحيث يؤثر التشابه في الحكم على صحة الحديث.

والمعالم التي يهتدى بها في التفريق بين أصحاب الأسماء المتشابهة، هي:

1- الرجوع أولا إلى عملية جمع طرق الحديث، فكثيرا ما يزول الإشكال بهذا، حيث قد تفصّل بعض الطرق اسم الراوي.

قال شمس الدين السخاوي رحمه الله تعالى:

" ويتبين المهمل ويزول الإشكال عند أهل المعرفة بالنظر في الروايات، فكثيرا ما يأتي مميزا في بعضها " انتهى من "فتح المغيث" (4/280).

2- ويستأنس أيضا بمراجعة شروح الأحاديث، إن كان الحديث في كتاب عليه شروح لبعض أئمة الحديث.

3- فإذا لم يتحقق المطلوب، ولم يزل الإشكال، فيتم اللجوء حينئذ إلى كتب تراجم الرواة وذلك بالتدقيق في ترجمة كل واحد من أصحاب هذه الأسماء المتشابهة:

بالاطلاع على سنة الميلاد والوفاة، ومكان الإقامة.

وبالاطلاع على تلاميذ ومشايخ كل واحد منهم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" ومن المهم عند المحدثين معرفة طبقات الرواة.

وفائدته: الأمن من تداخل المشتبهين. وإمكان الاطّلاع على تبيين المدلِّسين، والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة.

والطبقة في اصطلاحهم: عبارة عن جماعة اشتركوا في السّنّ ولقاء المشايخ...

ومن المهم، أيضا: معرفة مواليدهم، ووفياتهم.

لأنّ بمعرفتها يحصل الأمن من دعوى المدّعي للقاء بعضهم، وهو في نفس الأمر ليس كذلك.

ومن المهم، أيضا: معرفة بلدانهم وأوطانهم، وفائدته: الأمن من تداخل الاسمين إذا اتّفقا، لكن افترقا بالنسب " انتهى من "نخبة الفكر" (ص 169 – 170).

4-فإذا لم يزل الإشكال بهذا وبقي الاشتباه قائما، فعلى الباحث أن يبالغ في التدقيق في علاقة الراوي بشيخه وتلميذه، فقد تظهر قرائن يمكن الترجيح بها.

قال السخاوي رحمه الله تعالى:

" ويتبين المهمل ويزول الإشكال عند أهل المعرفة: بالنظر في الروايات، فكثيرا ما يأتي مميزا في بعضها.

أو باختصاص الراوي بأحدهما، إما بأن لم يرو إلا عنه فقط؛ كأحمد بن عبدة الضبي، وقتيبة ومسدد، وأبي الربيع الزهراني: فإنهم لم يرووا إلا عن حماد بن زيد خاصة، وبهز بن أسد، فإنه لم يرو إلا عن ابن سلمة، خاصة.

أو بأن يكون من المكثرين عند الملازمين له دون الآخر، وقد حدث القاسم المطرز يوما بحديث عن أبي همام، أو غيره عن الوليد بن مسلم، عن سفيان، فقال له أبو طالب بن نصر الحافظ: من سفيان هذا؟ فقال: الثوري، فقال له أبو طالب: بل هو ابن عيينة، فقال له المطرز: من أين قلت؟ فقال: لأن الوليد قد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة، وهو مليء بابن عيينة.

 أو بكونه كما أشير إليه في معرفة أوطان الرواة بلديَّ شيخه، أو الراوي عنه إن لم يعرف بالرحلة، فإن بذلك وبالذي قبله يغلب على الظن تبيين المهمل.

ومتى لم يتبين ذلك بواحد منها، أو كان مختصا بهما معا، فإشكاله شديد، فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب، قال ابن الصلاح: وقد يدرك بالنظر في حال الراوي والمروي عنه، وربما قالوا في ذلك بظن لا يقوى " انتهى من "فتح المغيث" (4/280).

مثال ذلك: ما رواه البخاري (5617) ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قال الكرماني: ذكر الكلاباذي أن أبا نعيم سمع من سفيان الثوري ومن سفيان بن عيينة، وأن كلا منهما روى عن عاصم الأحول؛ فيحتمل أن يكون أحدهما.

قلت: ليس الاحتمالان فيهما هنا على السواء، فإن أبا نعيم مشهور بالرواية عن الثوري، معروف بملازمته، وروايته عن ابن عيينة قليلة، وإذا أطلق اسم شيخه، حمل على من هو أشهر بصحبته وروايته عنه أكثر، ولهذا جزم المزي في "الأطراف" أن سفيان هذا هو الثوري، وهذه قاعدة مطردة عند المحدثين في مثل هذا، وللخطيب فيه تصنيف سماه "المكمل لبيان المهمل"، وقد روى هذا الحديث بعينه سفيان بن عيينة عن عاصم الأحول أخرجه أحمد عنه، وكذا هو عند مسلم رواية بن عيينة، وأخرجه أحمد أيضا من وجه آخر عن سفيان الثوري عن عاصم الأحول، لكن خصوص رواية أبي نعيم فيه، إنما هي عن الثوري كما تقدم " انتهى من "فتح الباري" (10/85).

ولمزيد الفائدة طالع جواب السؤال رقم: (347431).

والله أعلم.

الحديث وعلومه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب