الحمد لله.
أولا:
الاستنشاق واجب في الوضوء، لما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بقوله:
(إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ) رواه مسلم (237)، ولقوله: (إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ) رواه مسلم (237)، وروى البخاري (161): (مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ).
هذا مع دخوله في الوجه المأمور بغسله، في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة/6.
وإلى القول بالوجوب: ذهب أحمد وأبو ثور وإسحاق وابن أبي ليلى، خلافا للجمهور فقد ذهبوا إلى استحباب الاستنشاق وعدم وجوبه.
وينظر: "المغني" (1/83)، "الموسوعة الفقهية" (32/187)، "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/209).
ثانيا:
يكفي في الاستنشاق جذب الماء بالنفس إلى المنخرين.
قال في "كشاف القناع" (1/94): " و) المبالغة (في الاستنشاق: جذبه) أي الماء (بنفس إلى أقصى الأنف، والواجب) في المضمضة: (أدنى إدارة) للماء في فمه.
(و) الواجب في الاستنشاق (جذب الماء إلى باطن الأنف)، وإن لم يبلغ أقصاه؛ (فلا يكفي) في المضمضة (وضع الماء في فيه بدون إدارة)؛ لأنه لا يسمى مضمضة. وكذا لا يكفي في الاستنشاق وضعه في أنفه بدون جذب إلى باطن الأنف؛ لأنه لا يسمى استنشاقا" انتهى.
ومن انسد أنفقه فاستنشق الماء بمنخر واحد أجزه.
قال ابن المنقور في "الفواكه العديدة" (1/55): "قال ابن عطوة: يكفي في المضمضة والاستنشاق البعض، دون سائر الأعضاء" انتهى.
ونقله العلامة أبو بطين في حاشيته على "الروض المربع" (1/41).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً) وقد يحصل في الأنف لبعض الأشخاص أمراض حساسية أو غيره فلا يستطيع جذب الماء إلى الأنف، فما العمل؟
فأجاب: ليس بلازم أن يستنشق، يعني: لو دخل الماء في يده حتى يدخل في المناخر: كفى، الوصول إلى الخياشيم ليس بفرض، وأظن -إن شاء الله- أن هذا ليس فيه ضرر" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (213/22).
وعليه؛ فوضوؤك صحيح، وصلاتك صحيحة.
والله أعلم.