الوضوء الأفضل والأكمل مع كثرة الأحاديث ومع اختلاف الرواة مذكور في الصحيحين، ولكن عند أداء الوضوء لم يذكر المسح على الأذن في كل من البخاري مسلم، أعلم أنه تم ذكره في بعض الأحاديث النبوية عند الترمذي والنسائي، ولكن هنا يظهر سؤال: جميع الصحابة رضي الله عنهم ورواة الصحيحين لم يبلغوا هذا الأمر، فهذه المسألة تبدو كقضية رفع اليدين، فهل يمكن أن نقول إنها غير صحيحة، أم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها كثيرًا في الوضوء؟
الحمد لله.
عدم إخراج البخاري ومسلم لحديث لا يدل على ضعفه، فهما لم يشترطا استيعاب جميع الحديث الصحيح، كما هو مقرر في كتب مصطلح الحديث.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله؛ لا أنه يحصر جميع مسائله " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (1 / 42).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" ثم إن البخاري ومسلما لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث، فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما، كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها " انتهى من "اختصار علوم الحديث" (ص 25).
ثم لو تركا حديثا لاعتقادهما ضعفه، فلا يدل هذا على أنه متفق على أنه ضعيف في نفس الأمر؛ فربما ضعفاه وصححه غيرهما من الأئمة.
وعلى هذا ؛ فعدم ذكر مسح الأذنين في أحاديث الصحيحين لا يعني أنه غير مشروع في الجملة، فقد ثبت ذلك عند الترمذي والنسائي وغيرهما ، ونقل الإجماع على مشروعيته غير واحد من العلماء .
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا".
رواه النسائي (102) والترمذي (36)، وقال: " وَفِي الْبَابِ عَنِ الرُّبَيِّعِ. وحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ" انتهى .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وأجمع المسلمون طُرًّا (أي : جميعا) أن الاستنشاق والاستنثار من الوضوء، وكذلك المضمضة ومسح الأذنين.
واختلفوا فيمن ترك ذلك ناسيا أو عامدا " انتهى من "التمهيد" (18 / 225).
وقال ابن هبيرة رحمه الله تعالى:
" وأجمعوا على أَن مسح باطن الأذنين وظاهرهما سنة من سنن الوضوء، إِلّا أحمد فإنّه رأى مسحهما واجبا، فيما نقل عن حرب عنه، وقد سُئِل عن ذلك فقال: يعيد الصّلاة إِذا تركه " انتهى من "اختلاف الأئمة العلماء" (1 / 44).
وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (115246).
والله أعلم.