الحمد لله.
أولًا:
لا شك أن استقلال المسكن حق أساسي من حقوق الزوجية، وأن حرمة البيوت ومراعاة أوقات الزيارة من الآداب التي راعاها الإسلام.
والله تبارك وتعالى خاطب المؤمنين في أمر قريب من هذا فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ الأحزاب/53.
قال القرطبي في تفسيره(14/224): "قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يَتَحَيَّنُونَ طَعَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُونَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الطَّعَامَ، فَيَقْعُدُونَ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ، ثُمَّ يَأْكُلُونَ وَلَا يَخْرُجُونَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ: وَهَذَا أَدَبٌ أَدَّبَ اللَّهُ بِهِ الثُّقَلَاءَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَائِشَةَ فِي كِتَابِ الثَّعْلَبِيِّ: حَسْبُكَ مِنَ الثُّقَلَاءِ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَحْتَمِلْهُمْ".
ثانيًا:
إن كونكم غير مالكين لبيتكم، وغير مستأجرين له، يجعل فرصتكم في التحكم في البيت، ونظامه، بما يلائمكم، ويوفر الراحة والسكن لكم: أمرا في غاية الصعوبة.
ولو كان السكن في بيت "أبيه" ، أو حتى بيت "أبيك" لكان الأمر متعذرا؛ فكيف والسكن في بيت "الجد"، وهو مجمع العائلة؟! لا شك أن الأمر أصعب، وأصعب.
والذي نراه أنه لا حل لمشكلتكم سوى الخروج من بيت الجد، والاستقلال بمسكن يناسبكم.
ومهما تكن ظروف الزوج المادية، ومهما تكن درجة صعوبتها، فلا يظهر لنا حل لهذه المعضلة، سوى ذلك؛ أن يبحث عن مسكن يسكنه بالإيجار، وليكن ذلك بأقل كلفة يمكنها تحملها، ولو بمشقة، وتدبير عيش، واجتهاد في عمل زائد، ولو بشيء من الدين، إلى أن يفتح الله عليه، ويوسع عليه في مسكنه.
وإلى أن يتحقق لكم ذلك، فنرجو أن تحتسبي إعانة زوجك على عيشه، والتحمل معه بعض الوقت، إلى أن يتمكن من تدبير أمركم، وتدبير النقلة إلى بيت مستقل، وكلما أمكنك أن تدخلي إلى غرفتك عند وجود زائرين لا معن لجلوسك معهم؛ فافعلي.
يسر الله لك ولزوجك، وفرج عنكما، وجعل لكما من أمركما يسرا.
وينظر جواب السؤال رقم: (316466).
والله أعلم