هناك إحرام من القطن، ظهر إنه يلبس كما يلبس البنطال، أو الوزرة، له موديلات مختلفة أفضل من الفوطة أو الرداء التي تلف، لكن به شيء بسيط من الخيوط، فهل يجوز لبسه في العمرة؟
الحمد لله.
المحرم ممنوع من لبس القميص (الثوب) والسراويل ونحوهما، مما هو مفصل على قدر البدن، أو عضو منه؛ لما روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : "قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ ، وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ.
والمشروع له أن يحرم في رداء وإزار، والإزار معروف وهو ما يلف على الوسط ويستر أسفل البدن.
فإن كان الإزار مخيطا يشبه التنورة ، فقد اختلف فيه أهل العلم على قولين:
القول الأول: الجواز، وإليه ذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
قال رحمه الله :" .. الرسول صلّى الله عليه وسلّم عد ما يحرم عدًّا ، فما كان بمعناه ألحقناه به ، وما لم يكن بمعناه لم نُلحقه به ، وما شككنا فيه فالأصل الحل.
ومما نشك فيه: الإزار المخيط ، فبعض الناس يلبس إزاراً مخيطاً ، أي : لا ينفتح ، ثم يلفه على بدنه ويشده بحبل ، فهل نقول : إن هذا جائز ، أو إنه يشبه القميص أو السراويل ؟ .
نقول : إنه جائز ؛ لأنه لا يشبه القميص ولا السراويل ، فالسراويل لكل قدمٍ كمٌّ ، والقميص في أعلى البدن ، ولكل يدٍ كُمٌّ - أيضاً - ، وبهذا خرج عن مشابهة السراويل والقميص فكان لا بأس به ، ويستعمله بعض الناس الآن ؛ لأنه أبعد عن انكشاف العورة ، فنقول : ما دام يطلق عليه اسم إزار فهو إزار ، ويكون حلالاً" انتهى من " الشرح الممتع " ( 7 / 133 ، 134 ) .
القول الثاني: المنع، وبه أفتى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله، وقال : إنه في معنى المخيط سواء بسواء، فهو إزار مخيط، وقال: إنه عرض على هيئة كبار العلماء وصدر فيه قرار بالمنع.
وكذلك أفتى الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله.
ونسب الشيخ سعد الخثلان المنع إلى أكثر أهل العلم؛ لأنه مخيط مفصل على هيئة معتادة، وأنه سراويل بلا أكمام أو ما يسمى قديما بالنُّقبة.
بل ذهب بعض الباحثين إلى أن "إجماع العلماء" منعقد على خلاف ذلك.
انظر: "مشكل لباس الإحرام"، للدكتور إبراهيم الصبيحي (82) وما بعدها.
وقد طول في نقل كلام الفقهاء في المنع من لبس "المخيط" وبيان مرادهم به، ومناقشة قول من أجاز لبس الإزار، إذا كان مخيطا على قدر البدن، ونحو ذلك، وصرح بمناقشة رأي الشيخ، رحمه الله.
وعليه، فينبغي اجتناب هذا النوع من الأزر، لما فيه من الإشكال الشديد، وعدم تغرير المرء بعبادته؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ رواه الترمذي (2581) وغيره، وصححه الألباني.
والله أعلم.