الحمد لله.
إذا قال الزوج لزوجته : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " فيقع الطلاق عند رجوعكما للبلاد ؛ لأن هذا تعليق محض ، أي لا يقصد به الحث أو المنع ، أو التصديق أو التكذيب ، بل هو كقول الإنسان : إذا جاء أول الشهر أو دخل رمضان أو قدم السلطان فزوجته طالق ، فزوجك لا يقصد بكلامه هذا منعك أو منع نفسه من الرجوع إلى بلده ، كما لا يقصد الحث على البقاء خارج البلد ، فهو تعليق محض .
ولو فرض أنه قال : أردت أني " سأطلقها " بعد الرجوع ، فهذا لا يقبل منه أيضا ؛ لأن قوله : أنت طالق ، من ألفاظ الطلاق الصريحة ، فلا يقبل منه أن مراده ونيته الوعد بالطلاق .
وأما التعليق الذي يقصد به المنع ، كقوله : أنت طالق إن خرجت من البيت ، يريد منعها من الخروج ، أو التعليق الذي يراد به الحث على الفعل ، كأنت طالق إن لم ترجعي إلى البيت ، فهذا التعليق الذي اختلف فيه الفقهاء ، فجمهورهم على أن الطلاق يقع عند وقوع ما علق عليه ، وذهب جماعة منهم إلى أن الطلاق لا يقع لأنه لم يقصد الطلاق وإنما قصد الحث أو المنع .
ونقل ابن قدامة رحمه الله عن القاضي أبي يعلى في بيان الحلف بالطلاق والفرق بينه وبين التعليق المحض قوله : " هو تعليقه على شرط يقصد به الحث على الفعل ، أو المنع منه ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق ، وإن لم تدخلي فأنت طالق . أو على تصديق خبره ، مثل قوله : أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم .
فأما التعليق على غير ذلك ، كقوله : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو قدم الحاج ، أو إن لم يقدم السلطان ، فهو شرط محض ليس بحلف " انتهى من "المغني" (7/333) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحلف بالطلاق هو التعليق الذي يراد به حث الحالف على شيء ، أو منعه من شيء ، أو حث المستمعين المخاطَبين على تصديقه أو تكذيبه ، هذا هو اليمين بالطلاق ، فهو تعليق ، ومقصوده حث أو منع ، أو تصديق أو تكذيب ، فهذا يسمى يمينا بالطلاق . بخلاف التعليق المحض ، فهذا لا يسمى يمينا ، كما لو قال : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، أو قال : إذا دخل رمضان فزوجته طالق ، فهذا لا يسمى يمينا ، بل تعليق محض وشرط محض ، متى وجد الشرط وقع الطلاق ، فإذا قال مثلا : إذا دخل رمضان فامرأته طالق ، طلقت بدخول رمضان ، وإذا قال مثلا : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، طلقت بطلوع الشمس " .
وقال : " أما إذا كان ليس هناك حث ولا منع ، بل هو شرط محض ، فهذا تعليق محض يقع به الطلاق كما تقدم ، مثل لو قال : إذا دخل شهر رمضان فامرأته طالق ، فهذا شرط محض ، وهذا إذا وقع وقع الطلاق ؛ لأن المعلق على الشرط يقع بوقوع الشروط ، وهذا هو الأصل ". انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص 129- 131) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل قال لزوجته : إذا أتاك الحيض ثم طهرت فأنت طالق , ولكنه ظهر له بعد ذلك أن يمسك امرأته ولا يطلقها .
فأجابت : " هذا طلاق معلق على شرط محض , لا يقصد به حث ولا منع , فيقع الطلاق بوجود الشرط , وهو الطهر بعد الحيض , ورجوعه عن هذا التعليق بعد حصوله منه لا يصح " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/174) .
والله أعلم .