هل تجوز صلاة ركعتي الطواف خارج صحن المطاف
الحمد لله.
يسن صلاة ركعتين عقب كل طواف، ويستحب أن يكون ذلك خلف مقام إبراهيم.
روى البخاري (1627)، ومسلم (1234) : عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
ويجوز فعلهما في أي مكان من المسجد، أو مكة والحرم.
روى الإمام مالك في "الموطأ" (1/368) عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَهُ:" أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ، نَظَرَ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ، فَرَكِبَ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوًى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ".
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى: “ ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ثم صلى الركعتين عند المقام.
وأجمع أهل العلم على أن الطائف يجزيه ركعتا الطواف حيثما صلاهما؛ إلا مالكا، فإنه كره أن يصلي ركوع الطواف في الحجر" انتهى من “الإشراف" (3/287).
وقال ابن قدامة الله: " يسن للطائف أن يصلي بعد فراغه ركعتين، ويستحب أن يركعهما خلف المقام؛ لقوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ...
وحيث ركعهما، ومهما قرأ فيهما، جاز؛ فإن عمر ركعهما بذي طوى" انتهى من "المغني" (3/ 347).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " لا يجب على الطائف أن يصلي الركعتين خلف مقام إبراهيم، ولكن يشرع له ذلك إذا تيسر من دون مشقة، وإن صلاهما في أي مكان من المسجد الحرام أو في أي مكان من الحرم كله أجزأه ذلك.
ولا يشرع له أن يزاحم الطائفين لأدائهما حول المقام، بل ينبغي له أن يتباعد عن الزحام، وأن يصليهما في بقية المسجد الحرام؛ لأن عمر رضي الله عنه صلى ركعتي الطواف في بعض طوافه بذي طوى، وهي من الحرم، لكنها خارج المسجد الحرام، وكذلك أم سلمة رضي الله عنها صلت لطواف الوداع خارج المسجد الحرام، والظاهر أن سبب ذلك الزحام، أو أرادت بذلك أن تبين للناس التوسعة الشرعية في هذا الأمر" انتهى من "فتاوى ابن باز" (17/228).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" أولئك الذين يصلون خلف المقام، ويصرون على أن يصلوا هناك، مع احتياج الطائفين إلى مكانهم قد ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، وهم آثمون معتدون ظالمون، ليس لهم حق في هذا المكان، ولك أن تدفعهم، ولك أن تمر بين أيديهم، ولك أن تتخطاهم وهم ساجدون، لأنه لا حق لهم في هذا المكان أبداً.
وكونهم يصرون على أن يكونوا في هذا المكان فهذا من جهلهم لا شك ؛ لأن ركعتي الطواف تجوز في كل المسجد، فمن الممكن للإنسان أن يبتعد عن مكان الطائفين ويصلي ركعتين، حتى إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى ركعتي الطواف بذي طوى، وهي بعيدة عن المسجد الحرام، فضلاً عن أن تكون في المسجد الحرام.
فالإنسان يجب عليه أن يتقي الله في نفسه، ويتقي الله في إخوانه؛ فلا يصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام، والناس يحتاجون إلى هذا المكان في الطواف، فإن فعل فلا حرمة له، ولنا أن ندفعه، ولنا أن نقطع صلاته عليه، ولنا أن نتخطاه وهو ساجد، لأنه هو المعتدي الظالم والعياذ بالله" انتهى من "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 220)."
فالحاصل:
أن ركعتي الطواف يجوز فعلهما في أي مكان من مكة والحرم، والأفضل فعلهما خلف مقام إبراهيم؛ إذا لم يكن هناك زحام، ولم يقطع طريق الناس أو يشق على الطائفين بصلاته خلف المقام.
والله أعلم