هل يتطلب تأخير الصلاة بدون عذر الغسل وذلك لأنه كما ورد في الموقع يخرج من الملة ؟.
الحمد لله.
أولاً :
إن الصلاة عماد الدين .. وعنوان الفالحين .. وسعادة الصالحين .. كتبها الله على المؤمنين : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) ) المؤمنون/1-8
وهي أول ما يُحاسب عليها العبد يوم الدين . قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ) رواه الترمذي (413) وأبو داود (864) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والصلاة يمحو الله بها الخطايا والسيئات ، ويرفع الدرجات ، وهي آخر ما يضيع من الدين ، فإن ضاعت ضاع الدين كله . انظر السؤال ( 33694 )
أخي المسلم
حافظ على صلاتك قبل مماتك ... وصل قبل أن يُصلى عليك ..
فإن كنت محافظاً عليها فاستمر .. وإن كنت متهاوناً فيها فتب واستغفر قبل فوات الأوان .. فمن تاب تاب الله عليه .. ومن أقبل على الله أقبل الله إليه .
يقول الله في الحديث القدسي : ( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه البخاري (7405) ومسلم (2675)
فتب إلى الله توبة نصوحاً .. عسى الله أن يتوب عليك ..
ثانياً :
التهاون بالصلاة ، وتأخيرها عن وقتها من غير عذر من الكبائر . راجع السؤال ( 47123 ) .
بل ذهب بعض العلماء إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى خرج وقتها . راجع السؤال ( 39818 ) . وعلى هذا القول تنبني إجابة سؤالك ، وهو أمر من ترك صلاة بغير عذر حتى خرج وقتها بالاغتسال.
فإن اغتسال الكافر إذا أسلم مشروع ، ومثله المرتد إذا رجع إلى الإسلام .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/202) :
"إذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو مرتدًّا.
فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْر دِينِ الإسلام كاليهوديِّ والنَّصرانيِّ، والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.
والمرتدُّ: من كان على دين الإِسلام ثم ارتدَّ عنه ـ نسأل الله السَّلامة ـ كَمَنْ ترك الصَّلاة، أو اعتقد أنَّ لله شريكاً، أو دعا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُغِيثَه من الشِّدَّة، أو دعا غيره أن يُغِيثه في أمرٍ لا يمكن فيه الغَوْثُ.
والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك :
1ـ حديث قَيس بن عاصم أنَّه لـمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّ يغتسل بماء ٍوسِدْر . رواه الترمذي (605) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي . والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.
2ـ أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمة أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْل.
وقال بعض العلماء : لا يَجِب الغُسْل بذلك ، واستدلَّ على ذلك بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمر عامٌّ مثل : مَنْ أسلم فَلْيَغْتَسِل ، كما قال : "من جاء مِنْكُم الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل" وما أكثر الصَّحابة الذين أسلموا، ولمْ يُنْقَل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمرهم بالغُسْلِ أو قال من أسلم فليغتسل، ولو كان واجباً لكان مشهوراً لحاجة النَّاس إليه.
وقد نقول : إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل ، لأنَّ أمْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ واحداً مِنَ الأمَّة بحُكمٍ ليس هناك معنى معقول لتخصيصه به أمْرٌ للأمة جميعاً ، إذ لا معنى لتخصيصه به. وأمْرُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لواحد لا يعني عدم أمْرِ غيره به .
وأما عدم النَّقل عن كلِّ واحد من الصَّحابة أنه اغتسل بعد إسلامه، فنقول : عدم النَّقل ، ليس نقلاً للعدم؛ لأنَّ الأصلَ العملُ بما أمر به النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ولا يلزم أن يُنقلَ العمل به من كلِّ واحد" اهـ .
وقال ابن قدامة في المغني :
إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ , سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا , أَوْ مُرْتَدًّا . . . وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ" اهـ .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31/206) :
"ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ إسْلامَ الْكَافِرِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ , فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ . . . وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْكَافِرِ الأَصْلِيِّ وَالْمُرْتَدِّ , فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْضًا إذَا أَسْلَمَ" اهـ .
والله تعالى أعلم .