الحمد لله.
على الزوجة تلمس ما يوجب محبة الله ورضاه، فإن الله عز وجل جعل من أسباب محبته ورضاه عن المرأة طاعتها لزوجها وحسن تبعلها له، وقد جاءت النصوص الصريحة في الكتاب والسنة على وجوب طاعة الزوج، وما يترتب في ذلك من الأجر العظيم للزوجة، كما في قول الله تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء: 34]
قال القرطبي: " قوله تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب) هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج، والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج" انتهى من "تفسير القرطبي" (5/170).
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) رواه أحمد (1661) وحسنه شعيب الأرناؤوط.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) البخاري (4899).
قال ابن بطال: "يعني لا تأذن لا لرجل ولا لامرأة يكرهها زوجها، فإن ذلك يوجب سوء الظن، ويبعث الغيرة التي هي سبب القطيعة" انتهى من "شرح صحيح البخاري لابن بطال" (7/ 317).
وقال ابن هبيرة رحمه الله:" وقوله: (ولا تأذن لأحد، وهو شاهد إلا بإذنه)، وهذا لأنها إذا أذنت في غيبته، كان ذلك كالخيانة" انتهى من "الإفصاح عن معاني الصحاح" (7/ 213).
وقال ابن رسلان رحمه الله: "(ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه) أي: لا تأذن لأحد في دخول بيته والجلوس في منزله، سواء أكان رجلًا أو امرأة أو أحد محارم الزوجة، إلا إذا أذن أو علمت أو ظنت أنه لا يكره ذلك، فإن شكت في الرضى ولا قرينة فلا تأذن" انتهى من "شرح سنن أبي داود لابن رسلان" (10/601).
وقال ابن حجر رحمه الله: "يتأكد عند غيبته المنع، لثبوت الأحاديث الواردة في النهي عن الدخول على المُغِيبات؛ أي من غاب عنها زوجها" انتهى من "فتح الباري لابن حجر" بتصرف يسير (9/296).
وهذه النصوص وإن كانت في الإذن بإدخال أحد إلى البيت؛ إلا أنه يلتحق به مقابلة الرجال الذين يطرقون الباب لتوصيل الأغراض بالتبع.
وإن كان هؤلاء الذين يوصلون الأغراض يضعونه على عتبة الباب ويذهبون فالأمر أخف، إلا أنه مما قد يورث الريبة عند الزوج ويفضي إلى النزاع. ويدخل في إثم المخالفة للزوج إن علمت عدم إذنه بذلك.
ثم إن الزوج متى علم بمثل ذلك، والعلم به متوقع جدا، لسبب أو لآخر، تطرق إلى نفسه الشك والريبة فيما هو وراءه، وإن كانت المرأة من أبعد الناس عنه؛ فما حاجة العاقلة إلى أن تفتح أبواب الظنون والريبة في أمرها مع زوجها؟!
ويمكن حل مثل هذه الأمور ودياً مع الزوج بالمصارحة، وإيجاد الحلول المناسبة، مثل أن تصل البضاعة باسمه، ويستلمها هو من الموصلين للبضائع، ونحو ذلك، أو يأذن لك -إن كانت مدفوعة سلفاً- باستلامها من الباب إن كان يضعونها على عتبة الباب.
فإن لم يمكن ذلك، فاجعليها باسم أحد من أهلك، وعلى عنوانهم، ثم هم يوصلونها إليك.
وعلم الزوج بذلك كله: أبعد لك عن النزاع معه، والشقاق في أمركما.
والله أعلم.