أخي لديه محل أجهزة كهربائية، يأتيه أشخاص يريدون أن يشترو سلعة بالتقسيط، مثال: إذا كانت السلعة ثمنها 10 فأخي يبيعها ب 12، ويكون السداد في خلال بضعة أشهر، وبدون دفع أي مقدم من المال وقت عملية الشراء، ولكن التسديد يكون شهريا، ومن ثم يتصل علي أخي يخبرني بأنه هناك شخص يريد أن يبيع السلعه التي امتلكها للتو، فأشتريها منه ب 9.5، وأبيعها أنا ب 9.75، ويكون الربع هو ربحي، وأوقات كثيرة أقوم بإرجاع السلعة إلى أخي مرة أخرى لديه في المحل، فما حكم الدين في هذا الأمر؟ وماهو الصواب الذي لا يكون فيه مخالفة لأمر الله تعالى؛ لأنني متشتت، ولا أعلم الصواب أم خطأ ما أفعله أنا وأخي؟
الحمد لله.
أولا:
لا حرج في البيع بالتقسيط، ولو كان بثمن أزيد من الثمن الحال، كأن تكون السلعة تباع بعشرة حالة، فإذا باعها بالتقسيط باعها بثنتي عشرة، إذا توفرت شروط البيع كملكية البائع للسلعة، وخلا العقد من شرط محرم كالغرامة على التأخر في السداد.
وينظر: جواب السؤال رقم: (1847).
ثانيا:
لا حرج أن يشتري الإنسان السلعة بالتقسيط، ثم يبيعها بأقل ليحصل على النقد، وهو ما يسمى بالتورق، وهو جائز عند جمهور الفقهاء، كما في الجواب رقم 45042 ، بشرط ألا يبيع السلعة للبائع الأول، ولا لشخص آخر متواطئ مع البائع بحيث تعود السلعة لصاحبها.
فبيعها للبائع نفسه: هو بيع العِينة المحرم، وهي ربا، وفيها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ رواه أبو داود (2956)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وبيعها لشخص متواطئ مع البائع: حيلة على الربا، وتسمى الحيلة الثلاثية أو المثلثة، وقد أدخلها الحنفية في بيع العينة.
قال في "المحيط البرهاني" (7/ 304): "اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها ...
قال بعضهم: تفسيرها أن يدخلا بينهما ثالثاً، فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهماً ويسلمه إليه، ثم يبيع المستقرض من الثالث الذي أدخلاه بينهما بعشرة ويسلم الثوب إليه، ثم إن الثالث يبيع من صاحب الثوب وهو المقرض بعشرة، ويسلم الثوب إليه ويأخذ منه العشرة، ويدفعها إلى طالب القرض، فيحصل لطالب القرض عشرة دراهم، ويحصل لصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهماً، وهذا حيلة من حيل الربا" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدَهما عرَضا، ثم يبيعه المبتاع لمعامِله المرابي، ثم يبيعه المرابي لصاحبه، وهي الحيلة المثلثة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 28).
وقال ابن القيم رحمه الله: "وللعينة صورة خامسة، وهي أقبح صورها وأشدها تحريماً، وهي أن المترابيين يتواطآن على الربا، ثم يعمدان إلى رجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج، ثم يبيعه للمُرْبي بثمن حالٍّ، ويقبضه منه، ثم يبيعه إياه للمربي بثمن مؤجل، وهو ما اتفقا عليه، ثم يعيد المتاع إلى ربه ويعطيه شيئاً، وهذه تسمى الثلاثية؛ لأنها بين ثلاثة، وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية.
وفي الثلاثية قد أدخلا بينهما محللاً يزعمان أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا، وهو كمحلل النكاح، فهذا محلل الربا، وذلك محلل الفروج، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" انتهى من "حاشية ابن القيم على تهذيب السنن"، مطبوع مع "عون المعبود" (9/ 250).
وعليه فدخولك في المعاملة فيه تفصيل:
1-فإن اشتريت السلعة ثم بعتها في السوق لغير أخيك، فلا حرج.
2-وإن اشتريتها ثم بعتها لأخيك، فهذه حيلة محرمة؛ إذ حقيقة المعاملة أن الشخص أخذ 9.5 وسيسددها 12 ، والسلعة عادت لصاحبها، وقد أُكل من الطرفين، وهي كما لو اقترض 9.5 ليردها 12
فإذا أردت الدخول في المعاملة لم يجز لك بيع السلعة لأخيك.
والله أعلم.