الحمد لله.
أولا:
لا حرج في إقراض الذهب، على أن يُرد مثله وزنا، ويجوز للمقترض أن يرد أفضل مما أخذ، إذا لم يكن هذا عن تواطؤ أو اشتراط .
فإذا كان الذهب الذي اقترضت عشرة جرامات، معه نحاس قدره ثلاثة جرامات، فإنك تردين القرض كذلك، ذهب ونحاس، ويجوز أن ترديه كله ذهبا، من باب الرد بأفضل مما أخذت؛ لحديث أَبِي رَافِعٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَلَفَ مِنْ رَجُلٍ بكْرًا، فَقدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أبَا رَافِعٍ أنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بكْرَهُ، فَقَال: لاَ أجِدُ إِلاَّ خِيَارًا رَبَاعِيًّا، فَقَال: (أعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهمْ قَضَاءً) رَواهُ مُسْلِمٌ (1600).
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف...
فإن أقرضه مطلقا، من غير شرط، فقضاه خيرا منه في القدر، أو الصفة، أو دونه، برضاهما، جاز" انتهى من "المغني" (4/ 242).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/113) : " ما حكم أن يستلف إنسان من آخر ذهبا سبيكة أو سلسلة، ثم يرجع له ذهبا غيره بنفس الوزن والقيمة ، أو يستلف دينارا من الذهب ثم يرجعه له بعد ذلك دينارا بنفس القيمة؟
الجواب : إقراض الذهب ثم رده بمقدار وزنه: لا حرج فيه ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل .
وإن زاده من دون شرط ولا تواطؤ على الزيادة: فلا حرج ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن خيار الناس أحسنهم قضاء ..." انتهى .
ثانيا:
يجوز عند سداد قرض الذهب الرد بعملةٍ كالجنيه أو الدولار، بسعر يوم السداد؛ لما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242) وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ).
والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).
وينظر: جواب السؤال رقم: (99642).
ثالثا:
لا حرج لو طلب المقرض رد الذهب بنفس الشكل، فيعطى نفس الشكل – على الصورة المذكورة - أو أقرب شيء إليه.
قال في "كشاف القناع" (3/ 315): " (ويجب) على المقترض (ردُّ مثلٍ في) قرض (مكيل وموزون) يصح السلم فيه، لا صناعة فيه مباحة. قال في المبدع: إجماعا؛ لأنه يضمن في الغصب والإتلاف بمثله، فكذا هنا. مع أن المثل أقرب شبها بالقرض من القيمة (سواء زادت قيمته) أي: المثل (عن وقت القرض أو نقصت) قيمته عن ذلك.
(فإن أعوز المثل) فلم يوجد - ويقال : وأعوزني المطلوب، مثل: أعجزني، لفظا ومعنى - : (لزم) المقترضَ (قيمتُه)؛ أي: المثل (يوم إعوازه)؛ لأنها حينئذ ثبتت في الذمة.
( و ) يجب على المقترض رد ( قيمة ما سوى ذلك ) ، أي : المكيل والموزون؛ لأنه لا مثل له؛ فضمن بقيمته، كالغصب. قال في الاختيارات : ويتوجه في المتقوم: أنه يجوز رد المثل بتراضيهما، انتهى. وهو ظاهر؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم: (136433).
والحاصل:
أن الأصل أن ترد مثل ما اقترضته، وزنا، وصفة، إذا كان ذلك متاحا، أو أقرب شيء إليه.
ولا حرج عليكما أن تتفقا على أن ترده بقيمته يوم السداد، نقودا.
ولا حرج عليك إن أحببت أن ترده بأفضل منه، صفة، أو قيمة؛ من غير طلب من المقرض، ولا شرط سابق، أو تواطؤ عليه.
والله أعلم.