أنا عربي أعيش في مالطا وأريد أن أعرف سبب تحريم لحم الخنزير لأن أصدقاء العمل سألوني عن ذلك ؟.
الحمد لله.
الأصل في المسلم أنه يطيع الله فيما أمر ، وينتهي عما نهى عنه ، سواء أظهرت حكمته سبحانه في ذلك أم لم تظهر .
والمسلم لا يجوز له رفض حكم الشريعة ولا التوقف في تنفيذه إذا لم تظهر له حكمته ؛ ، بل عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل والتحريم متى ثبت النص ؛ سواء أفهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها . قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/36 , وقال : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور/51 .
ولحم الخنزير قد حُرِّم في الإسلام بنص القرآن ، وهو قول الله تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ) البقرة/173 , ولا يُباح لمسلم تناوله بحال من الأحوال إلا في حالة الضرورة التي تتوقف فيها حياة الشخص على تناوله ، كما لو كان في جوع شديد يخشى على نفسه منه الهلاك ، ولا يجد طعامًا سواه ؛ وفقًا للقاعدة الشرعية : " الضرورات تبيح المحظورات " .
ولم يرد في النصوص الشرعية تعليلٌ خاص لتحريم لحم الخنزير سوى قوله تعالى : ( فَإِنَّهُ رِجْس ) ، والرجس يطلق على ما يستقبح في الشرع ، وفي نظر الفطر السليمة ، وهذا التعليل وحده كاف ، وورد تعليل عام وهو الذي ورد في تحريم المحرمات من المآكل والمشارب ونحوهما وهو يرشد إلى حكمة التحريم في الخنزير ، وذلك التعليل العام هو قول الله تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/157 ، فهذا يشمل بعمومه تعليل تحريم لحم الخنزير ، ويفيد أنه معدود في نظر الشريعة الإسلامية من جملة الخبائث .
والخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه ضرر لحياة الإنسان في صحته أو في ماله أو في أخلاقه ، فكل ما تكون مغبته وعواقبه وخيمة من أحد النواحي الهامة في حياة الإنسان : دَخَل في عموم الخبائث .
وقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية أن الخنزير من بين سائر الحيوانات يُعَدّ مستودَعاً للجراثيم الضارة بجسم الإنسان ، وتفصيل هذه المضار والأمراض طويل ، وهي باختصار :
الأمراض الطفيلية ، الأمراض البكتيرية ، الأمراض الفيروسية ، الأمراض الجرثومية ، وغيرها .
وهذه الأضرار وغيرها دليل على أن الشارع الحكيم ما حرَّم تناول لحم الخنزير إلا لحكمة جليلة ، هي الحفاظ على النفس ، التي يُعَدُّ الحفاظ عليها أحَدَ الضروريات الخمس في الشريعة الغراء .
وانظر جواب السؤال : ( 751 ) .
وفي جواب السؤال ( 26792 ) تفصيل مهم حول الأحكام التعبدية والأحكام معقولة المعنى .
والله أعلم .