لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام؟

09-11-2004

السؤال 50487

لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام.

ملخص الجواب:

السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر، هو اختلاف مطالع الأهلة. واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا. وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال، بل قبل طلوعه.

الجواب

الحمد لله.

السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر، هو اختلاف مطالع الأهلة. واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا.

وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال، بل قبل طلوعه.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام، وربط المطالع كلها بمطالع مكة، فقال:

"هذا من الناحية الفلكية مستحيل؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه.

وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر؟ الجواب: لا.

إذاً الهلال كالشمس تماما، فالهلال توقيته توقيت شهري، والشمس توقيتها توقيت يومي، والذي قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ البقرة/187. هو الذي قال: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته ألا وهي شهود القمر، وشهود الشمس، أو الفجر." انتهى من فتاوى أركان الإسلام ص 451.

وقال رحمه الله موضحاً هذا القياس، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع:

"قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضا.

فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري.

ولا يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ لا يمكن لأحد أن يقول: إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار.

وكذلك نقول في عموم قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ، والنظر الصحيح، والقياس الصحيح أيضا، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي." انتهى. نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود ص 104.

وصدر عن هيئة كبار العلماء، بيان مهم بهذا الخصوص، وهذا نصه:

وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره. واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ البقرة/189. وبقوله صلى الله عليه وسلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به.

ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة. فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه. وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.

والله أعلم.

رؤية الهلال
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب