الحمد لله.
1 - صلاة الجماعة لا تدرك - على الصحيح - إلا بإدراك ركعة مع الإمام ، أما مجرد إدراك التشهد أو ما قبل التشهد دون الركعة فلا يعدُّ ذلك إدراكاً لصلاة الجماعة ، فأحسن الله عزاءك في الصلاة إذا لم تدرك منها إلا التشهد ، ودليل هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) رواه البخاري في المواقيت ، باب من أدرك من الصلاة ركعة ( 580 ) ومسلم في كتاب المساجد ( 607 ) .
وهذا القول هو قول المحققين من أهل العلم وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله ، واختاره الشيخ ابن عثيمين حفظه الله ، وهو الذي يسنده الدليل ويعضده .
2 - وأما بالنسبة لقراءة الفاتحة في الصلاة فهي ركن عظيم من أهم أركان الصلاة ، ولا تصح الصلاة بدونها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ، لكن إذا كان المصلي يصلي مع الإمام وأدركه في الركوع مثلاً فركع دون أن يقرأ الفاتحة صحت منه ، وتكون قراءة الإمام قراءة له لحديث أبي بكرة رضي الله عنه المشهور بـ ( زادك الله حرصاً ولا تعد ) .
وأما إذا كان الإمام يسرع - كما تقول - إسراعاً واضحاً يخلُّ بركن الطمأنينة في الصلاة فإن الصلاة لا تصح خلفه ، لعدم أهليته ، ولافتقاده ركناً من أركان الصلاة وهو الطمأنينة في جميع الأركان ويدل عليه حديث المسيء في صلاته المشهور ، أما إذا كانت سرعة الإمام نسبية بأن كان يحافظ على الواجب من الطمأنينة فقط فمثل هذا يمكن قراءة الفاتحة خلفه عادة ، ولو عجّلتَ في القراءة وحَدَرْت فيها فلا بأس بذلك .
وأما إذا كان عدم قراءتك للفاتحة لأمر آخر كنسيان أو سهو أو لأجل كونك مسبوقاً فلا حرج وصلاتك صحيحة ، وقراءة الإمام قراءة لك .
3 - يجب على المسلم أن يبادر للصلاة فور النداء لها وهي من صفات المؤمنين الذين تعلقت قلوبهم بالمساجد ، أما التأخر عنها حتى تقام الصلاة فهذا مما يدل على ضعف الإيمان وقلة رغبة العبد في الخير والطاعة ، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في حاجة أهله فإذا آذنه بلال بالصلاة فزع وهبَّ إليها ، وكان يقول صلى الله عليه وسلم ( أرحنا بها يا بلال ) وكان يقول ( جُعلت قرة عيني في الصلاة ) وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، أما من يتكاسل عنها ولا يحضر للمسجد إلا عند الإقامة أو في أثناء ها أو عند التشهد فليراجع نفسه وليستعتب أمره ، فإن المؤمن يقول له عمله الصالح في قبره : ( فوالله ما علمتك إلا سريعاً في طاعة الله بطيئاً في معصيته ) وأما المنافق أو الفاسق فيقول له عمله ( فوالله ما علمتك إلا بطيئاً في طاعة الله ، سريعاً في معصيته ) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح، وصححه الألباني في أحكام الجنائز وذكر طرقه
وقد وصف الله تعالى المنافقين بقوله ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) فليحذر العبد من خطورة هذا الأمر ، وكذلك فلتحذر المسلمة من تأخير الصلاة إلى أضيق وقتها والانشغال بالدنيا عن الزاد الأخروي .... ومن تعوّد على المحافظة على الصلاة والتعلق بها في وقتها مع الجماعة في المسجد وقت النداء لها صار ديدناً له لا ينفك عنه إن شاء الله ، ومن جرَّب ذلك عرف اللذة العظيمة والسكينة والطمأنينة وراحة القلب والبال فيها ، وأمكنه استحضار الخشوع حين الوقوف بين يدي الله ، ومن فضل الله تعالى على المرء أن تمرَّ عليه السنة وهو لم يفته فرضٌ واحد مع الجماعة إلا لعذر شرعي ، وإن المؤمن الصادق ليعتريه همٌ وغم وكرب عظيم إذا نام يوماً عن الصلاة أو تأخر عنها لأمر دنيوي ، وكل أمور الدنيا تافهة حقيرة ، وهذا من توفيق الله تعالى للعبد للثبات على طاعته والاستقامة عليها .
وإذا أقيمت الصلاة فإن الواجب على المصلي أن يباشر في الدخول مع الجماعة حتى في صلاة الفجر حتى ولو أطال الإمام القراءة ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب ( 710 ) ونفي الصلاة هنا للصحة ، أي فلا صلاة صحيحة إذا أقيمت الصلاة ، ومثله من دخل في نافلة ثم أقيمت الصلاة فإنه يجب عليه أن يقطعها ثم يقضيها - إن أراد - بعد الصلاة لعموم الحديث ، ولو أكمل الصلاة لم تصح منه وكانت باطلة .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لو كان في آخر النافلة فله أن يكملها إذا علم أنه سيدرك تكبيرة الإحرام لأنه مقصود الشارع هو المسارعة في الدخول مع الإمام في الصلاة .
والله تعالى أعلم .